ليس بالضرورة كما يعتقد عبدالله بشارة اللجوء إلى القضاء لإبطال قرار منع الاختلاط
زاوية الكتابكتب ديسمبر 20, 2015, 11:32 م 604 مشاهدات 0
القبس
منع الاختلاط.. ومغزى القرار
عبدالله بشارة
رأت المحكمة الدستورية، بعد دراسة طلب بعض المواطنين الذين يطعنون في قرار البرلمان الذي اتخذه حول منع الاختلاط في الجامعات، بأنه قرار سليم مع إضفاء مرونة واسعة على لائحة التنفيذ، ويهمني هنا تأكيد استمرار الإصرار على إبطال ذلك القرار، ليس بالضرورة باللجوء إلى القضاء، وإنما بتأسيس تجمع شعبي يضم مختلف المشارب يمارس التواصل مع بعض أعضاء مجلس الأمة، أصحاب القناعة بأن ذلك القرار، رغم مرور السنين يظل غير مألوف، ولا ينسجم مع تراث المجتمع الكويتي، ويشكل عبئاً على بيئة الانفتاح التي تعايشت معها الكويت منذ ولادتها، والتي ميزت الكويت في تعاطي شعبها مع صعوبات الحياة قبل النفط، من خلال الوقوف على تجارب الشعوب خاصة في الهند وأفريقيا وإيران والعراق، والاستفادة من الملائم منها.
ولا يمكن تجاهل دور الترابط التجاري والبحري في تأسيس مكونات الكويت في بناء البنية الاجتماعية التي كونت لها، مع مرور الزمن، منظومة من التراث والأعراف تتلاءم مع واقع الكويت المنفتح على استيعاب المفيد من تراث الانسانية ولائحة أخلاقياتها.
وأدرك شخصياً حرص المجموعات الإسلامية المتصلبة على سلامة قرار المنع وحمايته من التغيير، لكن ذلك لا يحرم الآخرين من حقهم في الإصرار على إلغائه، لأنه جاء إلى الحياة السياسية حديثاً مع بروز الحراك السياسي الإسلامي المتشدد في السبعينات، ودخل البرلمان لمسببات كثيرة، أهمها الدور الحيادي السلبي الذي تبنته الحكومة، فبدلا من مقاومته كونه غير مألوف اجتماعيا، ومكلفا ماليا وثقيلا سياسيا، استسلمت لتلك الخطوة التي طرحها الاسلام السياسي، وسط استغراب شعبي وتساؤلات عن عجزها عن المواجهة البرلمانية والتخلي عن دورها في القيادة.
لابد من التحضير للجولة القادمة، فإن مثل هذه المبادرة تحتاج إلى مسح للمواقف وإلى تواصل اجتماعي واسع ومبررات منطقية عقلانية وشرح للملابسات التي رافقت اتخاذ ذلك القرار، تمهيداً للوصول إلى تفاهم شعبي يعكس رأي الأغلبية من المواطنين الذين تراجع اهتمامهم بمداولات مجلس الأمة.
ويعود ضعف المتابعة إلى استسلام بعض أعضاء المجلس لقاعدة الترضيات من تجمعات من الاسلام السياسي والائتلاف القبلي والطائفي، وهي ممارسة خارج المجال السياسي والاجتماعي المتوارث الذي ميز الكويت منذ بداياتها.
كما أن غياب العناصر البرلمانية المؤثرة أدى إلى انخفاض حجم المتابعة للمداولات البرلمانية، مع تزايد التصحر السياسي الذي مكن تلك التجمعات من التسيد في أجواء البرلمان.
ليس لائقا أن يوصف من سعى لتغيير القرار بأنه «مجموعة شرذمة» لن تسكت ولن ترضيها الهزيمة كما كتب د. وائل الحساوي في صحيفة الراي الصادرة يوم الخميس 17 ديسمبر الجاري، وهو رجل فاضل، فليس من المستحب إدخال المطالبين بالتغيير في خانة «الشرذمة»، فهم مواطنون لا يسعون لاستباحة ثوابت الأمة، تحت مسمى الحرية، وإنما يسعون لتصويب قرار لم تكن له مبررات وليست له ضرورة، ويظل المجتمع الكويتي محافظا باستنارة، مقتبسا لضرورات التطوير، ملتزما بقيم الاسلام ومبادئه، حاميا للفضيلة، ورافضا للابتذال، وسيتواصل الجهد لترشيد السلوك السياسي والاجتماعي وفق المفاهيم التي زرعها صناع الكويت منذ ولادتها، بدون ذلك لن يتوافر الاطمئنان المثمر الذي نريده.
تعليقات