التدخل الروسي لن يتمكن من حسم الحرب لمصلحة الأسد.. برأي عبدالمحسن حمادة

زاوية الكتاب

كتب 574 مشاهدات 0


القبس

خطورة استمرار الحرب السورية!

عبدالمحسن حمادة

 

نتمنى أن يعي المجتمع الدولي خطورة استمرار الحرب في سوريا، ويسعى إلى وقفها. هناك أطراف كثيرة تدخلت في تلك الحرب، لدرجة جعل بعض المحللين يعتقدون أن هذه الحرب قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة. كانت بداية تلك الحرب ثورة شعب على نظام استبدادي، وأوشكت إرادة الشعب السوري أن تتحقق لولا التدخلات الخارجية لإنقاذ ذلك النظام، وتمثلت التدخلات الخارجية بصورة واضحة بإيران، حيث أعلنت أن نظام الأسد خط أحمر بالنسبة لها، ولن تسمح بسقوطه.
هبت طهران لإنقاذ نظام الأسد، وفي البداية حركت الميليشيات الخاضعة لإرادتها، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، والميليشيات العراقية والأفغانية. وبدا حسن نصرالله في بداية تدخله بالشأن السوري متأكدا أن سحق ثورة الشعب السوري أمر سهل، وبعد انتصارات طفيفة حققها في معركة القلمون سرعان ما ظهر منتشيا يهنئ جماعته بتلك الانتصارات. معتقدا أن النصر الإلهي الذي يصاحبه في حروبه قد تحقق. فأعلن أن العصابات الإرهابية قد هزمت، وأن نظام الأسد سيبقى إلى الأبد، إلا أن الحقائق على الأرض أثبتت عكس ذلك. هنا ألقت إيران بثقلها في تلك الحرب، ثم تبيّن لها استحالة الانتصار على الثورة السورية.
قد تكمن قوة الثورة السورية في تصميم الشعب السوري على إسقاط ذلك النظام الدكتاتوري، واستبداله بنظام ديموقراطي، وأن هناك دولا عربية وإقليمية تساندها، اعتقادا منها أن هزيمة تلك الثورة ستؤدي إلى تفاقم النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو خطر على أمن تلك الدول. ومما زاد في خطورة الحرب السورية ظهور منظمة داعش الإرهابية، وقيامها بأعمال إرهابية ضد الدول الأوروبية وأميركا وروسيا. كتبنيها اسقاط الطائرة المدنية الروسية في سيناء، وأحداث باريس الوحشية، وظهور أعضاء من تلك المنظمة أمام الإعلام يقطعون رؤوس أسرى أوروبيين وأميركان بالسيوف. هنا ظهر تكتل دولي للقضاء على ذلك الإرهاب.
ولكن المستغرب في تلك الحرب الموقف الروسي، روسيا دولة عظمى، ومن الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وساهمت في وضع ميثاق الأمم المتحدة، تدخلت لإنقاذ الطاغية. وظهر بوتين في بداية تدخله متعاليا على المنطقة، طلب من لبنان إغلاق مجاله الجوي، لأن جيشه سيجري مناورات في البحر المتوسط، وحارب الجيش الحر وقوات المعارضة المعتدلة، بدلا من محاربة داعش كما كان يدعي، وكان في حربه على المعارضة المعتدلة يريد استعادة المواقع التي سيطرت عليها المعارضة ليعيدها للنظام. ولكن بعد ثلاثة أشهر من تدخله أثبت عجزه من تحقيق ذلك. وانتهك طيرانه الأجواء التركية، وبعد تحذيرات متكررة أسقطت أنقرة طائرته السوخوي. وهدد تركيا وطلب منها الاعتذار، وردت تركيا أنها ستحمي أجواءها وشجعتها دول الناتو على ذلك.. ثم اكتفى باتخاذ بعض العقوبات الاقتصادية التي ستضر بمصالج الدولتين. وهكذا تبيّن أن التدخل الروسي لن يتمكن من حسم الحرب لمصلحة الأسد، بل سيطيل أمدها وعناء الشعب السوري والمنطقة. نتمنى أن تتمكن المنطقة من وقف تلك الحرب قبل أن يتطور ذلك الصراع، ثم يصعب التحكم به وإيقافه. 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك