التعصب الطائفي كما يرى ناصر المطيري لا يقتصر على المسلمين ومناطقهم فقط

زاوية الكتاب

كتب 1662 مشاهدات 0


النهار

خارج التغطية  -  الحروب المذهبية

ناصر المطيري

 

عندما سيطرت الدولة العثمانية على العراق في النصف الأول من القرن السادس عشر كان ما يزال معظم جنوب العراق سنياً، وتحوَّل هذا الجنوب إلى أغلبية شيعية في الفترة 1750 - 1900 م تقريباً، وكان ما يزال تحت سيطرة الدولة العثمانية وهي دولة سنية تبنت المذهب الحنفي.
ولقد حاول الاستعمار الغربي الذي سيطر على بلدان المسلمين الضَّرب على المشاعر الطائفية والمذهبية والعرقية مستخدماً قاعدة «فرّق تسد». كما أنه بالرغم من ادعاءاته العلمانية وفّر الغطاء والحماية لحملات التنصير كما في إفريقيا والقارة الهندية وإندونيسيا، فمثلاً قسّم الاستعمار الفرنسي سورية تقسيماً طائفياً (دمشق، حلب، الدروز، العلويون، لبنان الكبير) وحاول الفرنسيون بسط حمايتهم ورعايتهم للمسيحيين، وغذوا التعصب والمخاوف الطائفية. ولم يختلف البريطانيون والإيطاليون والهولنديون عن الفرنسيين كثيراً في سياساتهم في مناطق نفوذهم الاستعمارية.
ولقد أثار السلوك الغربي الأميركي في دعم الكيان الإسرائيلي واحتلاله لفلسطين وطرده لشعبها غضب قطاعات واسعة من العرب والمسلمين، الذين فسر الكثير منهم الأمر وفقاً لخلفيات دينية وحضارية. وأسهم في تكريس هذه المشاعر والقناعات، الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق، وما عاناه المسلمون في البوسنة وفي الشيشان وبورما وكشمير وجنوب الفيليبين... وغيرها.
لقد تطورت هذه المواجهة لتنتقل نارها الى المنطقة بأكملها التي تفككت معالم مؤسساتها الحكومية وتحولت جغرافيتها الى ساحة قتال تحت شعارات وتسميات علنية هي عمليا صحوة لمارد الحرب النائمة في قمقم التاريخ بين الشيعة والسنة منذ مقتل الامام الحسين على يد الأمويين  في معركة كربلاء.
 قد يعيد البعض صحوة العصبية المذهبية الى قيام الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، والتي اعتبرت ضربة للافكار القومية وشرارة لاندلاع الحرب العراقية الايرانية في العام 1980 التي وصفت بأنها الحرب العربية ضد الفرس لتتأجج بعدها المشاعر المذهبية المشحونة بإرث تاريخي دموي مع دخول تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» الى ساحة الصراع، تحولت طبيعة المواجهة التي اطلقها اسامة بن لادن ضد الولايات المتحدة والغرب تحت شعار محاربة اعداء الاسلام الى حرب مذهبية وما تشهده مدن العراق من حروب تصفية مذهبية وكذلك الحرب الدائرة في سورية هي أوضح صورة.
والصراعات الطائفية اذا اوقدت نارها فإنها تسري وتتمدد ولا تتقيد بحدود جغرافية أو سياسية فالتفجيرات الارهابية في المساجد في المملكة العربية السعودية وفي الكويت واحداث اليمن التي تضاف الى الحرب في العراق وسورية تعبر عن صراع مذهبي، وفي مصر، ثورة عام 2011 ولدت الصراع نفسه بين نهجين لاتباع دين واحد جعل الاقلية القبطية مستهدفة.
وإن التعصب الطائفي والمذهبي لا يقتصر على المسلمين ومناطقهم فحسب، بل هناك تعصب منتشر في العالم قد يكون مسيحياً أويهودياً أو بوذياً أو هندوسياً... وهناك أنظمة عالمية لا تسلم سياساتها من خلفيات دينية وثقافية تتسبب في تأجيج الصراعات. والنزاع الطائفي قد يجر المنطقة إلى حالة من التمزق والصراعات والتفكيك، لا يستفيد منها سوى أعداء الأمة. وهذا النوع من الصراعات هو صراعٌ أعمى ومدمر للجميع بما في ذلك تلك الأنظمة التي تلعب اللعبة الطائفية أو تسلك مسلكاً طائفياً.
واجمالاً نقول بأن أولى خطوات العلاج لما تشهده المنطقة العربية من صراعات وحروب مذهبية تكمن، في منع التدخل الخارجي، وفي تهيئة البيئة الإيجابية الحرة للتيارات الإسلامية المعتدلة للعمل وإشاعة روح التسامح بين أطياف وطوائف المجتمع وأعراقه.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك