يعقوب الشراح يحذّر من تدني مستوى التعليم في الكويت
زاوية الكتابكتب يناير 25, 2016, 11:55 م 1070 مشاهدات 0
تردّي التعليم خطر على الدولة
د. يعقوب الشراح
يؤثر التعليم في الدولة تأثيراً يكاد يصل إلى كل جانب في حياتها وبدرجات متفاوتة تعتمد عامة على نوع وشدة هذه التأثيرات، ولأن التعليم في أي مجتمع بالغ الأهمية فقد تبدلت مطالب الناس بمرور الزمن من تعليم يهدف إلى التركيز على محو الأمية إلى تعليم موجه نحو المعرفة، ثم إلى نموذج من تعليم يركز على كل جديد في ميادين المعلوماتية والتكنولوجيا... لاشك أن طفرة التقدم العلمي والصناعي والمعلوماتي جعل أنظمة التعليم تغير الكثير من خططها وتطور أوضاعها كي تساير العصر واحتياجات الناس المتبدلة...
هذا في الجانب العلمي والمعرفي الذي ظل وما زال الشغل الشاغل لأنظمة التعليم في العالم، لكن البعد الأخلاقي والقيمي وثقافة التعايش بين الناس في أهداف التعليم مازالت مجالاً للخلافات بين المهتمين بالشأن التربوي والسياسي ومطالب العامة من الناس.
وهذا ناتج من أن أنظمة التعليم تتفاوت في قدراتها على الاستجابة لمتطلبات الناس، فبعضها في الأساس ضعيفة لكي تحقق ما يجب عليها أن تقوم به من مهام، والبعض الآخر توصف بأنها متقاعسة، والكثير منها هي أنظمة تعليم فاسدة لأنها نشأت في بيئات يسودها الفساد والقسوة والسلطة واستغلال النفوذ.
يقول خبير جودة التعليم في كوريا الجنوبية فيكتور شيا إنه «لا توجد دولة تتحمل إنتاج جيل كامل دون تعليم جيد، فهذا الجيل سيدمر الدولة داخلياً فتتفتت وتفقد وجودها، والشرق الأوسط أهمل التعليم والآن يدفع الثمن»... فهل فعلاً أهملنا التعليم أمام ما نعايش اليوم من نتائج مأسوية يساهم فيها جيل تعلم في المدرسة والجامعة بتدمير بلده ووجوده؟، لماذا تخرج أنظمة التعليم العربية أجيالاً لا تتصف بحبها لأوطانها، وانتمائها لأرضها وناسها رغم ما يدرس لهم في ميادين الأدب والشعر والتاريخ والدين وغيرها من مواد تغرس حب الوطن والدفاع عنه؟
لا شك أن هناك خللاً فادحاً له دور مفصلي في تردي التعليم العربي حيث تتباين الأفكار حول أسبابه، هنالك كثيرون يرون أن من بين الأسباب «التربية السلطوية» التي تلقي الخيارات والحريات وتعطي قيمة عليا للطاعة والانقياد، وتستنكف التفكير والإبداع والتجديد... فهذا الانقياد والخضوع للسلطة والتسلط لا يدوم عندما تتيح للشاب أول فرصة للهروب وكسر القيود، والتمرد أمام نظام تعليم لم يخلق منه إنساناً قادراً على المساهمة في تطوير بلده، بل على العكس أصبح طرفاً في النيل من بلده وهدم وجوده، وقتل أهله في حروب وتفجيرات نشاهد يومياً مآسيها وليس لنا حيلة إلا أن نقول لا حول ولا قوة إلا بالله.
مؤثرات تردي التعليم كثيرة ومن السهل تحديدها وملاحظتها في الحياة العامة. فالناس تلاحظ هذه المؤشرات في سلوك الشباب، حيث تفشي الكذب والغش والسرقة، وكسر القانون وعدم الانضباط، والخلل في أدب التعامل، والاعتداءات المختلفة على أتفه الأشياء وغيرها، وفي الجانب العلمي أو المستوى العلمي فحدث ولا حرج، حيث ضآلة التفكير والتحصيل العلمي، أو خلل في الفهم والقدرة على التعبير والحوار، وحتى الرغبة في التفاعل مع المستجدات العلمية والقدرة على التكيف.
إن ما يقوله الخبير الكوري فيكتور عن التعليم العربي لا يختلف معه أحد، فكل ما يدور من أهوال في الإقليم العربي رغم تعدد أسبابها تعود في النهاية إلى الإهمال في التعليم، وإنتاج جيل مدمر لحياته وللآخرين. لقد خسرنا دور التعليم الحقيقي في بناء الأمة، وأصبحنا في حالة ضعف شديد لا يمكننا الخروج منه بسهولة من دون إحداث تغييرات جذرية في تفكيرنا واتجاهاتنا. واعتمادنا الكبير على التعليم...
إن تعليمنا في الواقع صورة لا تختلف عن أنماط التعليم العربي رغم الاختلاف في خصوصياته واتجاهاته ومجال الإنفاق عليه، فلقد قيل الكثير عن تدني مستواه وعدم فائدته للعصر، بشهادة البنك الدولي والدراسات عن مختلف أوجهه. لكننا، مازلنا لا نبذل الكثير لتغيير الواقع الذي يتطلب تضامن الحكومة مع مؤسسات المجتمع وقطاعاته المختلفة لرسم والاتفاق على ما هو مطلوب فعلياً للمستقبل...
تعليقات