الأصدقاء لا يموتون جوعاً ! .. يكتب د. تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 582 مشاهدات 0


وجع الحروف

د. تركي العازمي
للصداقة مسميات ما تصنف بصديق دراسة٬ صديق عمل٬ صديق «مصلحة»٬ صديق مجموعة/كتلة وصديق «ترتكي عليه» وهو في محل الأخ وكما قيل «رب أخ لم تلده أمك». في الكويت لا تتحدث عن الوفرة المالية... لا تتحدث عن «السبع العجاف» وشد الحزام إذا كنت محاطاً بأصدقاء من «صنف» مجموعة/كتلة أو مصلحة والأهم هنا أن يكونوا من ضمن الكبار.

هذه النوعية من الأصدقاء لا يموتون جوعا.. لا يشتكون من مظلمة ولا عسر أدبي أو مالي فهم قريبون من «الحنفية» التي تسقيهم وغيرهم جياع.

البعض يأتي منتصف الشهر يبحث عن أمر يلهيه عن متطلبات الحياة لحين نزول الراتب وإذا «انتفخ» رصيده بألف أو ألفين... تجده بعد أيام يبحث عنهم بين مستنقعات الأسعار المرتفعة التي لا تخضع للرقابة في حين تجد النموذج الآخر لا يعرف شيئاً اسمه راتب... يعني «محفول مكفول» يتجول بين مصادر الدخل المتعددة! صحيح ان الأغلبية تبدو «مرتاحة» ظاهرياً حيث معالم التعفف غلف مفاهيمها الطيبة من نزاهة وأمانة و«عزة نفس» لكنها في واقع الحال «مسحوقة» والقروض تحيطها من كل صوب وحدب. هكذا نصف أصحاب الدخل المحدود الذين يشعرون بالألم وهم يقرأون الأخبار غير السارة ومجبرة على «ركوب الباص».

معذرة يا أبيات القصيد فأنا لست بشاعر كي أصف ما يعاني منه رب أسرة «محشوم» لم يجد التعليم الجيد ولا الخدمات «السنعة» ولا الأدب في الحوار ولا التقدير لمواهبه وإمكانياته لأنه ليس من ضمن المجموعة أو الكتلة التي أخذت «الوفرة المالية» خضراء وتركتها يابسة بعجز قيل عنه إنه «مو موجود أصلا» حسب لغة الأرقام... ولغة الأرقام لا تكذب.

معذرة يا علم الإدارة الإستراتيجية فقد أبدع المفكرون ممَنْ كتبوا عنك الكثير في كتب تدرس ودورات تعلم وورش عمل تناقش ومحاضرات لا تجاوز في مجملها نقلا للمعلومة ولا تجد التطبيق في مؤسساتنا.

عندما تختار صديقك في العمل على أساس الكفاءة وتغلف العلاقة بالاحترام ومعيار الأداء فأنت «الكاسب» والمؤسسة ستحصد الإنتاجية الإيجابية الطيبة وإن كان اختيارك لمجرد انه من «ربعك» ـ مجموعتك/كتلتك التي تنتمي إليها فهذا التوجه يصور الكاريزما المدمرة والوضع الحالي خير شاهد.

صحيح إنهم لا يموتون جوعاً هؤلاء المنتمون لـ «ربعهم» لكنهم أشبعوا البقية الصالحة جوعاً و«تحلطما» وإنني لأستغرب من جهل البعض من المتابعين لما يقال عن الوفرة المالية وأتمنى «لوجه الله» أن يقلبوا الصفحة ليكون عنوانها الجديد «لن تموتوا جوعاً» ويكفي ما حصل وما تسببت فيه المجاميع التي تربطها المصالح أو صلة أيدلوجية لا تساهم في حل معضلات يعاني منها السواد الأعظم.

نكتب ما يعرض أمامنا من «البسطاء» وأنا على المستوى الشخصي لا أحبذ مسمى «محدودي الدخل» فالبساطة التي تعج بالنزاهة والأمانة أفضل لأن المقياس هو مستوى الحالة المعنوية للأفراد لا على حسب دخلهم فهم بعد مغادرة هذه الحياة لا يأخذون معهم ديناراً واحداً فقط عملهم الذي سيحاسبون عليه والعمل تحدده الحالة المعنوية لا الأرقام التي تظهر في الرصيد.

خلاصة القول٬ إننا نبحث عن مجاميع جديدة، الرابط بينها الكفاءة وحسن إدارة شؤون مؤسساتنا كي تستطيع البحث في الوفرة المالية وسد العجز الذي «صرقعنا» وجعلنا نردد «صدق أم كذب» ما يجري لنا... والله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك