الفساد أصبح سمة للنقاش اليومي بين الكويتيين.. كما يري وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 535 مشاهدات 0


الراي

نسمات  -  حديث الديوانية

د. وائل الحساوي

 

في أحد الدواوين المرموقة وقف أحد الحضور وهو محامٍ ليلقي قصيدة من تأليفه بعنوان «نحن شعب لا يستحي» أسوة بالشاعر العراقي الذي كتب قصيدة مماثلة عن العراق فكان مصيره الإعدام !!

تصدى أحد كبار السن في الديوانية للمحامي وطلب منه عدم إلقاء قصيدته وعدم تجريح رموز السلطة، لكن المحامي أصر على أن الفساد قد استشرى في البلد وأن واجبنا هو التصدي له وفضحه، فما كان من كبير السن إلا أن غادر الديوانية احتجاجاً !!


انقسم الحضور في الديوانية ما بين مؤيد للمحامي ومعارض له، فقال مسؤول الديوانية كلاماً طيباً جاء كالبلسم على رواد الديوانية، ومما ذكره حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال هلك الناس فهو أهلكهم»، بمعنى أنه أهلكهم بكلامه هذا، أو بمعنى أنه أشدهم هلاكاً، ثم أردف بقوله إن الجميع يعلم بوجود الفساد في البلد وتغلغله في كثير من المرافق، ولكن الحديث عن الفساد بصيغة التعميم من شأنه زيادة تفاقم الفساد وشعور الناس باليأس من إصلاحه، ولكن الواجب هو تحديد حالات للفساد في جهات محددة، وبيان حجمها لكي ينتبه الناس لها ويحاربوها !!

هذا النقاش حول الفساد أصبح سمة للنقاش اليومي بين الكويتيين، ولا تكاد تخلو ديوانية منه، ومنهم من يتكلم عنه بصيغة العموم ويشتم جميع المسؤولين من دون تمييز ويكرر عبارة «مفيش فايدة» لسعد زغلول، ومنهم من ينحا المنحى المعاكس ويمتدح السلطة والحكومة وما قدمتاه للمواطن، ويقول لك: انظر في ما حولك من دول وأنظمة وشعوب، هل يمكن مقارنتهم بما لدينا في الكويت من نعم كثيرة وحرية وأمن !!

والحقيقة أن الرأيين المتناقضين لهما جانب من الصواب، لكن لا يمكن القبول بأحدهما على إطلاقه وإهمال الرأي الآخر !!

العدل مطلوب في مناقشاتنا، فمن شأن قطع الأمل وتصوير الأمور بصورة سوداوية أن نقضي على الخير في بلادنا وأن نشجع أهل الفساد على التمادي في فسادهم، ومن شأن المبالغة في إضفاء طابع الأمل على حساب التحرك لقطع دابر الفساد أن يشجع أهل الفساد كذلك على التمادي في فسادهم !!

صراع الديكة في المجلس !!

المساجلة التي وقعت بين بعض نواب المجلس في جلسة مجلس الأمة قبل أيام والتجريح ببعضهم البعض نتيجة حتمية لتردي المجلس وخروجه عن مساره الصحيح، لكنها في الوقت نفسه تكشف لنا مدى تأثير الفساد المالي بين الأعضاء على أدائهم وعلاقاتهم ببعضهم البعض، فالكل يتحين الفرصة لفضح زملائه وبيان ماضيهم !!

نحن نرى أن الحكومة أخطأت في فتح المجال لكل من أراد الترشح للمجلس دون النظر إلى تاريخه وما وقع منه من انتهاكات ومخالفات !! لقد كان واضحاً منذ البداية أن تلك التراكمات التي تركناها معلقة أو عفونا عن أصحابها دون محاكمة سترتد على مسار المجلس وستتم إثارتها في كل مناسبة، وستؤثر على كثير من قرارات المجلس لاسيما القرارات المالية !!

لقد كان من قرارات الحكم في الكويت بمراسيم ضرورة بعد حل مجلس 2012 المبطل هو تشكيل لجنة من المستشارين في القضاء لدراسة من يمكن السماح له بالترشح للمجلس ممن لا يمكن له ذلك، ودراسة مدى كفاءة كل مرشح لخوض الانتخابات، وقد كانت للجنة قرارات جيدة أبعدت الكثير ممن عليهم شبهات مالية أو غيرها، لكن للأسف فإن المحكمة الدستورية أبطلت هذه اللجنة، وكان من المفترض على الحكومة تقديم مشروع قانون لإنشاء هذه اللجنة، فهي بمثابة لجنة لتشخيص النظام كما تفعل بعض الدول !!

وبغير ذلك التشخيص فإن مجالسنا المتعاقبة ستشهد المزيد من الهزات والفضائح التي سيكون أبطالها من سرّاق المال العام !!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك