محنة هبوط أسعار النفط منحة نحن في أشد الحاجة لها.. كما يرى وائل الحساوي
زاوية الكتابكتب فبراير 4, 2016, 12:12 ص 647 مشاهدات 0
الراي
نسمات - منحة وليست محنة!
د. وائل الحساوي
من حق الشعب الكويتي ان ينعم في بلاده بهذه المناسبات الجميلة التي تمثل له قمة الفرحة والسرور، ومن حقه ان يبتهج باحتفالاته ويشكر نعمة الله تعالى عليه.
نقرأ ونشاهد تقلبات الاوضاع الاقتصادية من حولنا فالنفط في ادنى مستوياته، والبورصة «متكرفسة» وقد هجرها أبناؤها بعد ان فقدوا الأمل فيها، وكل مؤشرات دول العالم حمراء فاقع لونها لا تسر الناظرين، لكن ذلك يجب ألا يصيبنا باليأس، فهذا هو حال الدنيا كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:
لكل شيء إذا ما تم نقصانُ
فلا يُغر بطيب العيش إنسانُ
هي الأيام كما شاهدتها دولٌ
من سرَّه زمنٌ ساءته أزمانُ
لكن أرى في تلك المحنة (هبوط أسعار النفط) منحة نحن في أشد الحاجة لها، فقد جربنا فترة ارتفاع اسعار النفط بعد الهبوط الذي عانينا منه عام 1986 حيث انخفض سعر البرميل الى أقل من عشرة دولارات وقد كان ذلك بسبب سياسة تكسير الاسعار، ثم ارتفع السعر الى 147 دولارا في العام 2008، ثم بدأ في الهبوط بعد الازمة المالية في العام 2008 الى ما دون 40 دولارا للبرميل، ثم ارتفع السعر إلى 115 دولارا قبل ان يبدأ في الهبوط الى اقل من 18 دولارا قبل ايام!
لماذا نقول ان هبوط اسعار النفط منحة لنا وليست محنة؟! السبب هو أننا تمادينا كثيراً في التخبط في إدارة شؤون البلد وتصرفنا كرجل لقي جرّة من ذهب في خرابة، فنزل الى السوق ليشتري كل ما يجده أمامه من بضائع، ثم اكتشف ان الذهب قد تسرب من الجّرة ولم يبقَ له شيء!!
إذاً فنحن بحاجة إلى من يذكرنا بأن نحزم أمرنا ونتدارك ما فاتنا، فاليوم نحن لدينا من الاستثمارات ومن الفائض ما يعوضنا بعض
ما خسرناه، ونحن على يقين ان اسعار النفط لابد لها ان ترتفع، ولكن سيأتي يوم سنجد فيه ان مخزون النفط في ارضنا قد انتهى، وما لم يكن لدينا بدائل للنفط فإن الندم لن ينفعنا ولات حين مندم!!
● الفائدة الثانية لانخفاض أسعار النفط هي ان نعوّد شعبنا، لاسيما الاجيال القادمة على التوفير والعقلانية في النفقات، والابتعاد عن الاسراف في كل شيء، سواء على مستوى الحكومة او مستوى الافراد، فهذا البذخ المبالغ فيه في الانفاق هو علامة سوء تدل على تخبط في فهم الحياة والتعامل مع الواقع!
● أما الفائدة الثالثة والأهم، فهي السعي لايقاف عجلة الفساد الذي يعترف الجميع بأنه قد انتشر في مجتمعنا وحطم كثيراً من قيمنا ، وحوّل جزءا من أبنائنا إلى مجموعة من الحرامية وقطاع الطرق، وقد تناسوا القيم الاساسية للمجتمع وراح كل منهم يطلب الربح السريع بأي وسيلة!! بل حتى قيم العمل والاتقان فيه قد تبخرت من المجتمع، وتحول مجتمعنا الى مجتمع استهلاكي يتهافت على جني الاموال أينما كانت ، وينتظر العطل لكي يسافر للمتعة والسياحة، ويطالب بالمزيد من الرواتب والمكافآت!!
● الفائدة الرابعة هي في السعي الحثيث لايجاد بدائل للنفط قبل ان تكتسحنا العاصفة، وهذا يتطلب اجراء تغييرات جذرية في القيادات التي تتولى زمام الامور في البلاد، وأولها نواب مجلس الأمة، كذلك فإن الحكومة لابد لها من تغيير جذري في طريقة اختيارها واسلوب عملها، وما لم تعترف السلطة بهذا النقص المعيب وما لم يسعَ الشعب لاستعادة المبادرة وحسن اختيار نوابه، فإن خيارنا الوحيد هو انتظار ارتفاع اسعار النفط والنوم في العسل!
تعليقات