متى يأتي عصر أكثر عدلاً وإنسانية؟.. يتساءل وليد الرجيب

زاوية الكتاب

كتب 630 مشاهدات 0


الراي

أصبوحة  -  القرن الدامي

وليد الرجيب

 

لفت نظري ما كُتب في مقدمة رواية «قواعد العشق الأربعون»، للكاتبة التركية إليف شافاق، حول دموية الإنسان في القرن الثالث عشر، بغض النظر عن جنسه أو دينه، بل أن المسيحيين كانوا يقاتلون المسيحيين، والمسيحيون يقاتلون المسلمين، والمسلمون يقاتلون المسلمين، والمسلمون يقاتلون المسيحيين.

ففي هذا القرن الدامي، سادت فوضى لم يسبق لها مثيل، فالصليبيون احتلوا القسطنطينية، وهم في طريقهم لاحتلال القدس، وقسمت الامبراطورية البيزنطية، ونهبت بعد أن كانت محط أطماع الأمم لغناها، وسالت الدماء الغزيرة في شوارعها، وفي الشرق انتشرت جيوش المغول بسرعة كبيرة بقيادة جنكيز خان، وارتكبت مجازر بحق العرب والمسلمين في جميع البلاد التي مر بها المغول، وفي الوسط كانت القبائل التركية المختلفة تتحارب في ما بينها، بينما كان البيزنطيون يحاولون استرجاع أرضهم وثروتهم، وكانت الدولة الأندلسية قد تفككت، بعد قتال المسلمين لبعضهم، وقتالهم مع الإسبان القشتاليين، وسادت الصراعات الدينية والنزاعات السياسية، فكان عصر فوضى كبيرة، وقتل على الهوية العرقية والدينية والطائفية، لكن الهدف الأساسي هو الأطماع ونهب الأراضي والثروات.

وما أشبه القرن الثالث عشر بالقرن الحادي والعشرين، فرغم أن الحروب والقتل والفوضى رافقت الإنسان في كل العصور والقرون، إلا أن قرننا هذا يتسم بفوضى كبيرة وتعقيد قد لا يكون مفهوماً عند البعض، تتداخل فيه المصالح والنزاعات السياسية بين الدول الكبرى والإقليمية، بالنزاعات الدينية والعرقية والطائفية، والقتل والدماء والأشلاء، والسبي والاغتصاب والاتجار بالبشر.

لكن الأسباب الرئيسية هي نفسها التي كانت في القرن الثالث عشر، الأطماع ونهب الأراضي والثروات، باستخدام أسلحة وأدوات جديدة وحديثة، وكأن البشر لم يغادروا بداية تاريخ البشرية، التي بدأت بالقتل الهمجي، والاستيلاء على الأراضي والمراعي والعبيد، ليستمر التدمير الذاتي للبشر، في عصر العبيد وعصر الإقطاع، وعصر الرأسمالية والإنتاج البضاعي البسيط إلى عصر الرأسمالية المعولمة.

فمتى يصبح الإنسان أكثر إنسانية، ويتخلى عن همجيته وعنفه المفرط، ضد أخيه الإنسان؟ ومتى يأتي عصر أكثر عدلاً وإنسانية، عصر يسود فيه السلام والمحبة والإخاء بين شعوب الأرض؟ ذلك العصر الذي شكل حلم البشر منذ زمن بعيد.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك