الأسوأ لم يأت بعد على عالمنا العربي.. بوجهة نظر عبدالعزيز الكندري

زاوية الكتاب

كتب 777 مشاهدات 0


الراي

ربيع الكلمات  -  بارزون في صناعة الفشل

عبدالعزيز الكندري

 

يبدو أننا أمام مشهد عربي ساخن ومرعب وفي اتجاه أكثر من التعقيد، وقد يكون أننا ما زلنا في بداية الطريق والأسوأ لم يأت بعد على عالمنا العربي، وذلك لأننا ما زلنا نعيش في عقلية الماضي ونحن في عصر منفتح متقدم، العالم مشغول بالبناء والتنمية، ونحن لا هم لنا إلا صناعة الفشل عبر اجترار الماضي من قبل آلاف السنين والعيش بهذه العقلية ومحاسبة الناس على هذا الأساس.

نعمل على إذكاء الصراعات والحروب المذهبية وصناعة الميليشيات التي تقتل بعضنا البعض وباحتراف، نحاصر بعضنا ونمنع الأكل والشراب عن المدنيين العزل بحجة الضغط على الطرف الآخر الذي يشابهني إلى حد كبير في الدين والتاريخ والعادات، ومن يشاهد خرائط العالم العربي يجد في كل مكان حريقا مشتعلا ولا يكاد ينطفئ، في فلسطين والعراق وسورية واليمن ودول أخرى كثيرة...

‎المشاهد العربي عندما يقلب شاشات التلفاز، لا يرى سوى الأخبار الدموية والعمليات التفجيرية والأحزمة الناسفة والوعد بالانتقام... أطفال صغار يعلّمون على القتل والرمي والذبح، وسط تبريكات وتكبيرات كل طرف لمصلحة حزبه وجماعته وميليشياته، وبعد انتهاء خبر العمليات والقتل والدماء، يخرج إلينا المحللون الذين يقولون على حسب أهوائهم، وهذه أم المصائب عندما يكون المحلل مستشارا غير صادق وغير أمين على تحليله، وكل يغني على حزبه وجماعته، ونادرا ما تجد المحلل الموضوعي الذي يتحدث بكل مهنية... وهم عناصر أصبحت منبوذة مع كل أسف، لأن المشاهد أصبح ضارياً ومتوحشاً ومتعصباً لرأيه، ولا يقبل بأنصاف الحلول أو الحديث عن قبول الآخر والعيش المشترك.

‎تم مسح التسامح من القاموس العربي، فلا حديث سوى عن لغة الدم والانتقام والقتل، نذهب الى بلدانهم ونأكل من خيراتهم ونعمل في أفضل مؤسساتهم، ونبني الكثير من المساجد بكل حرية، وأبناؤنا يدرسون في أفضل جامعاتهم، وننتهز الفرصة للانقام منهم بأي فرصة! أي عقلية عربية هذه، وأي فقه للاجرام هذا الذي نتحدث عنه، لا يقوم بالجرم والجريمة بسبب سطوة القانون، لكن عندما يرتفع هذه القانون، سنرى العجب كما هو حاصل في بعض البلدان العربية.

‎ماذا قدم الغرب في هذا العصر؟ تقريباً كل شيء، ما نأكل ونلبس ونركب حتى عندما نمرض نعالج في أفضل مستشفياتهم، وفي المقابل ماذا قدمنا نحن للغرب؟ قدمنا لهم التفجيرات والخراب وقوارب الموت، ومع ذلك فتحوا بلدانهم لاستقبال اللاجئين الذين ضاقت بهم البلاد العربية وبكل رحابة صدر.

‎لكن يبقى السؤال، لماذا لا نعمل ونبني مثلهم، ما الذي يمنعنا من ذلك، الغربيون قبل 50 عاما كان يتقاتلون، واليوم هم متحدون من أجل أهداف ومصير مشترك، أما نحن ففي كل فرصة نتحدث عن أحداث حصلت قبل آلاف السنين من أجل أن ننتقم من الخصم.

‎البعض عندما يقرأ هذا الكلام، يتساءل لماذا كل هذا التشاؤم، وهل هناك حل ومخرج؟ نعم هناك حلول كثيرة وليس حلا واحدا، وكل مشكلة لن تحل إذا لم نعترف فيها ونشخصها التشخيص السليم لأن التشخيص نصف الحل، فمشاكلنا نعم كثيرة ولكن حلها ممكن ويكمن في البداية من حيث من انتهى إليه الآخرون، وبناء أوطان تعددية ديموقراطية مدنية، وقوتنا في تعدديتنا، وأن نترك اللون الواحد الذي تعودنا عليه... الحل ممكن وبداية الصعود والوصول، والألف ميل يبدأ بخطوة، لكن هل سنبدأ ونخرج من الفشل؟

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك