وما أدراك ما ' الجبنة الكبيرة '؟

زاوية الكتاب

زايد الزيد : الحكومة ستمارس الصمت المخزي كعادتها تجاه الفضيحة

كتب 4138 مشاهدات 0


النهار

الخلاصة-  وما أدراك ما «الجبنة الكبيرة»؟

زايد الزايد

لم يعد الفساد اليوم ذو مجال محدود يمكن ان تدفن أسراره، فلم يعد هناك مجال للتغطية عليه، فالفساد الذي تحاول أن تلملم أوراقه وتغطيه بطريقة أو بأخرى، سينكشف لا محالة، وذكرنا في مقالنا السابق أن الفساد في البلاد ليس سراً بل هو معروف وفي العلن، لذلك لم نستغرب ظهور من يعرف بـ «الجبنة الكبيرة» في فضيحة دولية جديدة، وهي فضيحة مدوية تتعلق بقصة فساد حدثت فصولها ما بين الداخل والخارج، ومكانها الأساس في القطاع النفطي في دولة الكويت ولها ذيول وخيوط مع شركات نفطية أجنبية في الخارج، فوفقا لوثائق مسربة نشرتها «هافنغتون بوست» الأميركية و«فيرفاكس ميديا» الأسترالية - ونشرت ترجمتها إحدى الصحف المحلية - عن عمليات فساد كبيرة شهدها القطاع النفطي الكويتي عام 2005، سهّلها مسؤول حكومي نفطي كبير، عُرف في الوثائق المسّربة باسم «الجبنة الكبيرة» (The big cheese)، وتقاضى مقابل ذلك عمولة بنسبة 7 في المئة من قيمة العقد»!

والحقيقة، ان الوثائق المسربة تتعلق بعدة مسؤولين بالخارج، ولكن يكشف الجزء الخاص بـ «المسؤول الكويتي» عن أن «المسؤول قبض 7 في المئة من قيمة عقد مع شركة أميركية تولّت تركيب منصات تحميل في أحد المرافئ، والرشوة قبضتها «أونا أويل» من الشركة الأميركية وسلّمتها للمسؤول الكويتي»، وإزاء هذه الفضيحة، مازالت الجهات المسؤولة في البلاد في سبات عميق، ومن دون ان تفكر حتى في فتح التحقيق في هذا الأمر، ومن دون أن تعي - أو ربما لايهمها - ان السكوت عن ذلك سيعرّض سمعة القطاع النفطي في الكويت للاهتزاز وضرب الثقة به، لا سيما ان القطاع النفطي له تعاملات خارجية وشركات في مختلف دول العالم، والسكوت عن هذه الفضيحة يؤكدها أمام الرأي العام العالمي!

والحقيقة اننا بتنا نحتاج لدروس بالتعامل مع الفساد، فالقضية الماثلة أمامنا اليوم تتعلق بقطاع حيوي مهم للدولة، وتتعلق بمسؤول كبير، وإذا ما أردنا التعلم بكيفية التعامل مع قضايا الفساد التي تكشفها الوثائق بين الحين والآخر، فالأفضل ان نرى ونتعلم من تجارب الدول الغربية، فعلى سبيل المثال قامت فرنسا مؤخرا بفتح تحقيقات تتعلق بقضايا فساد مثارة من قبل وثائق بنما وطلبت التعاون مع السلطات المختصة في بنما، وفي آيسلندا دفع رئيس وزرائها منصبه ثمنا مستحقا، وفي بريطانيا قدم رئيس وزرائها كاميرون كشوفات تفصيلية جديدة عن وضعه الضريبي، وهذه أمثلة ليت بعض مسؤولي الدولة يتعلمون منها، ولكن حكومتنا - كالعادة - تمارس الصمت المخزي تجاه فضيحة «الجبنة الكبيرة» وغيرها من الفضائح، فالكتاب واضح من «عنوانه»، ولا عزاء للإصلاح وشعاراته.

النهار - مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك