محمد العطوان يكتب .. خذ التنمية من أفواه المواليد!
زاوية الكتابكتب إبريل 22, 2016, 11:51 م 737 مشاهدات 0
الراي
خواطر صعلوك- خذ التنمية من أفواه المواليد!
محمد ناصر العطوان
هذه رسالة من طفل سوري تحت أنقاض أحد المباني الأموية العتقية، حيث لم يستدل عليه أثناء البحث حتى الآن، وها هو يرسل رسالته الأولى، وقد اختارني مشكورا لأنشرها بالنيابة عنه للقراء الأعزاء، وأوضح سبب الاختيار في كون أن وجه الشبه بيني وبينه أننا صعاليك في زمن ملوك الثروة من السياسة والجنس واستغلال الدين.
يقول في رسالته:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اسمي لم أعد أذكره ولكنني أذكر أني أصبحت رقما في عدد الضحايا التي تقرأها مذيعة شقراء أو صهباء جميلة، تطل على المشاهدين في أبهى صورها، وأذكر أيضاً أنني بمجرد أن ولدت وخرجت من رحم أمي قالت لي الدكتورة (هل أنت مستعد لمسيرة التنمية في وطنك؟).
ولعلك عزيزي القارئ تتساءل لماذا لم أخرج من تحت الأنقاض أو أصرخ للمنقذين كي يستدلوا على وجودي؟
في الواقع أنا أريد أن أبقى تحت الأنقاض، ولأنه لا فرق بين من يعيش تحتها أو من يعيش فوقها، والسبب هو مسيرة التنمية الملعونة التي وعدونا بها.
فليست التنمية هي أن نعد جيشا قويا أكثر ما يميزه هو قدرته على إبادة شعبه، وليست التنمية في إنشاء خطوط سكك حديد ومترو لا يحتاجها الشعب بقدر ما تحتاجها السلطة لمسك أطراف الدولة، وليست التنمية إرسال بعثات للخارج من أجل أن يعود حملة الشهادات فيها كموظفين في وظائف ليست لها علاقة بشهاداتهم. وليست التنمية إصلاح التعليم وإدخال التكنولوجيا في وقت نجد أن المعلمين الذين يدرسوننا لا تتعدى ثقافتهم حدود الكتاب المدرسي بأخطائه المطبعية، وليست التنمية في إصلاح القضاء عبر أهمية ارتداء الأرواب واستغلال خوف الناس من الإرهاب.
ليست التنمية هي أن نرتفع بناطحات سحاب لا تجتمع فيها إلا طبقة واحدة من المجتمع، وليست التنمية أيضاً هي أن ننشئ طرقا معبدة بالإسفلت ومحاطة بالأشجار ولكي يسير عليها أناس ما زالت تعتقد أنه يمكن معالجة السعال الديكي بلبن الحمير، أناس دخلت عليهم الحضارة من خلال ساعة في معاصم أياديهم وكاميرا معلقة على صدورهم وحذاء يرتدونه في أقدامهم دون أن ينتبهوا إلى أن رؤوسهم مفقودة! وبالتأكيد لا يمكن أن تكون التنمية في أن تأخذ المرأة حقوقها السياسية ليس من باب المشاركة ولكن من باب أن كل تمثيلية تحتاج إلى بطل وبطلة.
بالتأكيد لن أخرج من تحت الأنقاض مادام أن الأوضاع لم تتغير. فلو كانت تنميتنا صادقة منذ البداية لما كانت هذه النهاية، ولما كنت الآن تحت الأنقاض بسبب خلافات لها أبعاد منذ 1300 عام.
هكذا عزيزي القارئ أنهى الطفل رسالته، فهل تحب أن أقول لك نكتة تسليك وتجعلك تنهي المقال من دون أن تفكر في أهمية رسالة من هذا النوع؟ اسمع يا سيدي:
بينما كان أحد الزعماء يخطب في شعبه قاطعه أحد المواطنين قائلاً (أيها الزعيم... نريد أن نعرف مصير إيرادات ثروات الوطن من خيرات أرض الوطن؟
فقال له الزعيم (ما اسمك) فرد قائلاً (نعيم).
وقبل أن ينتهي الخطاب قاطع الزعيم مواطن آخر قائلاً (أيها الزعيم... نريد أن نعرف أين إيرادات بلدنا... وأين ذهب نعيم؟).
قصة قصيرة:
ألقى أحد المعلمين سؤالاً على طلابه:
طفل سوري وطفل فلسطيني وطفل عراقي... ماذا يساوون؟
وكان الجواب: يساوون إمكانية ضائعة وإحصائية قتلى في نشرة إخبارية.
تعليقات