هناك نقلة هامة وحقيقية في اتجاه تفعيل العمل الجماعي.. هيلة المكيمي تتحدث عن مجلس التعاون الخليجي

زاوية الكتاب

كتب 830 مشاهدات 0

د. هيلة المكيمي

النهار

حياد إيجابي- هيئة اقتصادية للعمل الخليجي المشترك

د. هيلة المكيمي

 

افضت القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في جدة مؤخرا الى قرارات بالغة الاهمية تمثلت في انشاء هيئة مشتركة لاستكمال مشروعات التكامل الاقتصادي بالاضافة الى ان الاجتماع سعى لاقرار النظام الداخلي للهيئة القضائية الاقتصادية الخليجية. ومما لاشك فيه ان المتابع للعمل الخليجي خلال العام الماضي وحتى هذه السنة يلحظ نقلة هامة وحقيقية في اتجاه تفعيل العمل الجماعي سواء باتجاه التكامل الاقتصادي او لدعم منظومة الامن الجماعي في منطقة الخليج والتي هي جزء لا يتجزأ من المنظومة العربية.

فما بين مشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي بدعوة من الرئيس الاميركي براك اوباما في قمة كامب ديفيد في صيف 2015 وما بين حضور الرئيس الاميركي للقمة التشاورية الخليجية التي عقدت في الرياض في 2016، حدث اختلاف وفرق شاسع خلال عام واحد على صعيد العلاقات الخليجية- الاميركية وبلا شك ان ذلك قد يكون سببا رئيسا لاقرار القادة اللقاء التشاوري الخليجي- البريطاني السنوي على غرار اللقاء التشاوري الخليجي-الاميركي، وهذا بلا شك ايذان بدور بريطاني مهم ومؤثر في المنطقة، وقد يكون ذلك نابعا من الشعور ان البريطانيين قد يكونون اكثر فهما واستيعابا للمتغيرات التي تدور في المنطقة العربية وليس ادل على ذلك الاخطاء العديدة والمتكررة التي حدثت من قبل السياسة الاميركية منذ مرحلة مابعد سقوط صدام وحتى ادارة الملفات الاكثر سخونة في المنطقة سواء كانت الملف السوري واليمني وجماعات القاعدة و«داعش» وبلا شك الى جانب الاتفاق الايراني النووي.

اما على المستوى الاقتصادي فمن غير الممكن ولادة نظام اقليمي امني جديد دون ان يكون قائما على الركيزة الاقتصادية بشكل اساس، ولنا في التجربة الاوروبية خير مثال، فحينما ارادت اوروبا طي صفحة الحروب العالمية كان ذلك من خلال البوابة الاقتصادية والتي عرفت فيما بعد بالاتحاد الاوروبي، بل انه حتى في اخر الازمات التي تعيشها اوروبا والمتمثلة بالسجال الدائر حول الخروج البريطاني من منظومة الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء المزمع عقده نهاية هذا الشهر، فان تعليق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذي هو في الاساس رافضا للانسحاب فقد أكد بأنه حتى في حال مواجهة الاتحاد الاوروبي للعديد من الازمات الاقتصادية الا ان من المهم البقاء البريطاني في تلك المنظومة بفعل الاحتياجات الامنية ومواجهة التطرف والارهاب، ما يؤكد بأن العامل الامني والاقتصادي عاملان متلازمان بشكل كبير ومن الصعب فصل المسارين.

ذلك يؤكد أهمية اي خطوات جادة تسعى دول الخليج لاتخاذها في مجال التكامل الاقتصادي، وقد كانت احد ابرز المشاكل الهيكلية تكمن في فقدان دول المجلس لجهاز يفرض على اعضائه تنفيذ قرارات المجلس الاعلى، في حين ان الآلية المتبعة في الاتحاد الاوروبي تكمن في تحويل الدولة الرافضة للانصياع للقرارات الاقتصادية الى جهة قضائية توقع عليها عقوبات وجزاءات حتى تفرض عليها الالتزام بالقرارات الاقتصادية للمنظومة الاوروبية. وبالتالي فإن سعي دول المجلس لاستكمال البناء المؤسسي بالفعل خطوة هامة ومؤثرة. ولكن تبقى الاسئلة الاكثر الحاحا لدى جميع مواطني دول مجلس التعاون الخليجي هي طبيعة الرؤية الاقتصادية، وكيف يرى الخليج نفسه في المنظومة العالمية الاقتصادية.

الكويت عبرت عن رؤيتها في اقامة مدينة الحرير في عام 2035، والسعودية تحدثت عن رؤية 2030، ودبي تتحدث عن اكسبو 2020، وقطر تتطلع لكأس العالم، وعمان اتجهت نحو التقارب الايراني في اقامة مشاريع عملاقة تحدثت عنها الصحف ولكن لم تتضح رؤيتها النهائية. كل ذلك يدفعنا للتساؤل كيف بامكان الهيئات المشتركة الاقتصادية الخليجية التوفيق ما بين هذه الخطط لاسيما في حال زودت بصلاحيات الالزام وايقاع العقوبات كما هو حاصل في منظومة الاتحاد الاوروبي؟ ماهي معادلة البترول في تلك الرؤية الاقتصادية؟ وهل ستكون تلك الرؤية مبنية على خليج مابعد البترول او هي امتداد لاقتصاديات النفط الخليجية؟ كيف يرى الخليجيون اليمن في معادلة الاقتصاد الخليجي لاسيما بعد احتضان الخليج لفكرة السلام والاستقرار اليمني مع الاخذ بعين الاعتبار لموقع اليمن الاستراتيجي؟

كل تلك الاسئلة تعتبر في غاية الاهمية، ولهذا نتطلع لدور مهم وفاعل ومؤثر للهيئة الاقتصادية المشتركة.

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك