سعود العصفور يشرح لماذا قضية الناقلات

زاوية الكتاب

كتب 727 مشاهدات 0


لماذا الناقلات؟ ترتفع الأصوات من هنا ومن هناك متسائلة، «لماذا كل هذا التركيز على قضية اختلاسات الناقلات؟»، خصوصاً إذا ما قورنت الأموال المختلسة في هذه القضية مع غيرها من القضايا التي تلتها، والتي تفوقها بحجم الأموال العامة المعتدى عليها؟ تساؤلات تبدو منطقية لمن يحسبها بلغة الأرقام وبحسبة الآلة الحاسبة، فمن الطبيعي أن يكون لقضية مثل قضية اختلاسات الاستثمارات أو هاليبرتون أو «النفط المفقود» تداعيات وضجة أكبر من قضية الناقلات إذا ما كانت لغة الأرقام هي المعيار الوحيد لترتيب أولويات الدفاع عن المال العام. ولكن فعلاً، لماذا الناقلات؟ ولماذا تستحوذ قضية الناقلات على كل هذا الاهتمام النيابي والشعبي رغم أنها لم تكن ولا تزال غير مدرجة على سلم أولويات حكوماتنا المتعاقبة؟ الذي يميز قضية الناقلات عن غيرها من قضايا التعدي على المال العام ويجعلها تحظى بمثل هذه المكانة والأهمية والحظوة لدى غالبية القوى الوطنية المهتمة بالحفاظ على المال العام بعيداً عن أيدي المتجاوزين والمفسدين، هو أنها أصبحت قضية «رمزية» أكثر من كونها قضية تحسب بالأرقام أو بالتكاليف. تقاعس الحكومات المتعاقبة - من دون استثناء - منذ بداية التسعينيات ساهم في تحويل هذه القضية إلى قضية مصيرية مرتبطة بوجدان الشعب الكويتي وأصبحت رمزاً لكل التجاوزات التي أتت بعدها والتي ستأتي لاحقاً. أذكر كلمات مثل «مال عام» أو «اختلاسات» أو «فساد مالي» أو «تربح غير مشروع» أمام أي مواطن كويتي وقطعاً ستجد قضية «اختلاسات الناقلات» هي أول ما يتبادر إلى ذهن هذا المواطن سواء كان متابعاً لقضايا المال العام عن قرب أو غير متابع. تقاعس الحكومات المتعاقبة عن حسم هذه القضية طوال كل هذه الأعوام كان بمثابة «الضوء الأخضر» غير المعلن من قبل الحكومة لكل التجاوزات التي تلت قضية الناقلات. وحقيقة عدم القبض على المتهمين في تلك القضية كانت بمثابة «الإهانة اليومية المتكررة» التي يوجهها المتهمون إلى الشعب الكويتي بمباركة وتشجيع حكوماتنا التي تمارس دورها في الضبط والإحضار على المواطن البسيط فقط. وإذا أضفنا إلى خصوصية هذه القضية أن أموالها التي «اختلست» من أموال الشعب الكويتي أصبحت تستخدم من قبل «مختلسيها» في ضرب القوى الوطنية والتشهير بهم والتجني عليهم، لذلك فلا نستغرب إذا كان لقضية الناقلات أهمية رمزية تجعلها القضية الأهم لدى الشارع الكويتي والقضية التي تعتبر بالفعل مفتاح «القضايا» جميعها. غداً، سوف يستكمل مجلس الأمة، بإذن الله، مناقشته لتقرير لجنة التعديات على المال العام، بعد توقفها إثر خروج بعض النواب الصامتين دائماً عن صمتهم ونزولهم بمستوى النقاش في المجلس إلى مستوى «الحواري والسكيك»، ونود أن نذكر النواب مرة أخرى بأن المال العام خط أحمر يجب أن تدافعوا عنه بقوة، فقضية الناقلات هي رأس كل تلك القضايا من دون شك أو ريبة وأبناء هذا الشعب لكم متابعون وعن قرب.
الراي

تعليقات

اكتب تعليقك