أنور الرشيد: حل المجلس انتحار سياسي
زاوية الكتابكتب يوليو 25, 2007, 8:21 ص 503 مشاهدات 0
الرأي
المحلي
انتحار سياسي
كتب:أنور الرشيد
كثر الحديث في الفترة الماضية، ومازال، عن حل مجلس الأمة
حلا غير دستوري، وذلك بسبب الأزمات المتلاحقة بين المجلس
والحكومة، الملاحظ ان هذه الأزمات، ان صح ان نسميها أزمات،
ما هي الا استحقاق نتيجة لتفعيل مواد الدستور ولائحة مجلس
الأمة التي تعطي للنواب الحق في استجواب الوزراء عن سير
أعمال وزاراتهم، وان كان هناك تعسف باستخدام هذا الحق الا
انه يجب ألا يصل الى هذه النتيجة بمعالجة تلك الأزمات،
ولكن هل تستحق تلك الممارسات ان تكون هي السبب في حل مجلس
الأمة حلا غير دستوري؟ بصراحة الحديث عن حل غير دستوري هو
في حقيقته انقلاب على الدستور، لأنه لا يحق لأحد ان يعلق
أي مادة دستورية وليس هناك بالدستور ما يشير الى ذلك، وإن
كان هناك من يفكر بهذا الحل كمخرج للأزمات المتلاحقة، فهو
لا شك في أنه خاطئ، لا بل سوف يجر هذا الحل البلد الى نفق
سيكلف الكثير للخروج منه، فظروف عام 76 وعام 86 تختلف
اختلافا جذريا عن الظروف الحالية بكل ما تعنيه هذه الكلمة
من معنى، ففي عامي 76 و86 لم تكن هناك شبكة الانترنت ولم
تكن هناك فضائيات ولم تكن الظروف المحلية والاقليمية
والدولية بهذا الشكل من الترابط القسري بتبادل المعلومات
والأخبار، كما ان في هذا الوقت جيلا غير الجيل الذي عاصر
حل 76 و86 فجيل التسعينات يختلف اختلافا كليا عن الأجيال
التي سبقته، فكلنا يتذكر هؤلاء الشباب الذين رابطوا في
ساحة الإرادة مطالبين بتغيير النظام الانتخابي حتى جروا
معهم نواب المجلس والشارع السياسي كله حتى تمكنوا من تغيير
الأوضاع، فإذا كانت هذه القاضية البسيطة قد حققت ما حققته
من انجاز، فهل يضمن من يفكر بالحل غير الدستوري ألا ينزل
الشاب الى الشارع مرة أخرى، وألا يقف هؤلاء الشباب في ساحة
الإرادة مطالبين بعودة العمل بالدستور وبمجلس الأمة؟ انا
شخصيا ومن موقع المراقب أقول ان هذا التفكير لن يجر الا
البلاء وسوف يخسر في النهاية من يفكر بهذا التفكير،
وبالتالي الحل هو بالتكيف مع مستجدات العصر، وأفضل تحليل،
كما أعتقد جازما، هو ان المجتمع الكويتي الآن يمر في مرحلة
انتقالية ما بين عصر الإدارة بعقلية «اللي نبيه نسويه»
وبين عصر «إدارة الدولة وفق الدستور والقوانين المنظمة
للمجتمع»، وبطبيعة الحال كل مرحلة انتقالية يصاحبها مخاض
عسير ومؤلم يكلف كل الأطراف المعنيين بالمعادلة بعض
التنازلات التي قد تكون ضرورية ليسير المجتمع نحو التقدم،
فالحل غير الدستوري جرب مرتين وكانت النتيجة الحتمية،
العودة إلى العمل بالدستور، وعودة مجلس الأمة ليمارس
صلاحياته وفي المرتبن السابقتين، اللتين أرجو ألا تتكررا،
رجع اعضاء مجلس الأمة أكثر قوة وأكثر فهما لدورهم كما ان
المجتمع كان يوصل الى سدة البرلمان نوعيات وشخصيات ذات ثقل
أكثر، والحل هو ليس بالحل غير الدستوري، بل بالمزيد من
الشفافية ومزيد من الحكمة في اختيار الطاقم الحكومي وفق
سياسة الكفاءة وليس وفق سياسة الولاء والبراء، كما ان
سياسة التعيينات في المناصب التنفيذية بالدولة هي ايضا
مسؤولة عما آلت اليه الأوضاع من تردٍ تترك المجال واسعا
امام أعضاء مجلس الأمة بالمساءلة والتحقيق، لذلك التفكير
بالحل غير الدستوري في هذه الظروف، وهذا الوقت وهذه
التجربة التي امتدت منذ المجلس التشريعي في عشرينات القرن
الماضي حتى يومنا الحاضر التي زادت من خبرة المجتمع
الكويتي بالممارسة الديموقراطية هو انتحار سياسي.
الوسط
تعليقات