حزن من فرح .. يكتب محمد المطني

زاوية الكتاب

كتب 640 مشاهدات 0


النهار

نقش- حزن من فرح

محمد المطني

 

للتو علمت أنك لست إحدى أوراق الشجرة بل تأكدت أن شجرتنا لا أوراق لها، وأننا جميعا نمثل الجذر بأهميته ودوره المحوري في حياة عائلتنا كل بحسب حاجته، كان شعورا غريبا توحدت فيه مظاهر الحزن ومشاعر الفرح، حزن بابتعاد أخي الصغير «ناصر» في رحلة دراسته في الولايات المتحدة، وشعور بالفرح لانطلاقة لدنيا جديدة اختارها لتكون بداية مستقبله، دارت بي عجلة الزمن وأرجعتني لوقت مضى عندما قررت أن أسافر لاكمال دراستي، «ياه» هل هذا كان شعور عائلتي عندما رحلت ؟ كم هو موجع هذا الموقف وكم يصبح الانسان ضعيفا في لحظات الرحيل.

«ناصر» الذي لم نشعر به أبدا ولم نحزن عليه أبدا، ها هو يشحن مدفع المشاعر ليطلقها في البيت ويذهب لوحده قائلا: سأرجع قريبا وقد حققت ما أتمناه فاصبروا قليلا وتشبثوا بالأمل وبثقتكم بي التي طالما كانت الدافع لي للاستمرار فلسان حالي يقول لكم:

والله ما اخترت الفراق وانما

حكمت علي بذلك الأيام

لحظات الوداع أطيب ثمار الشعر العربي وأكثرها تصويرا لمشاعر اللوعة والحسرة والألم، هي اللحظات التي تستغل شعور الانسان ليصنع منها الأدباء دون خجل عظائم أعمالهم الأدبية، لحظات صورها الكثير من الشعراء في أبياتهم التي سارت بها الركبان وتناقلها في وقتنا الحالي الناس في هواتفهم ورسائل الشوق، فمن الشعراء من وصف لحظات الوداع بقوله:

غداة جعلت الصبر شيئا نسيته

وأعولت لو أجدى عليك عويل

وهناك من يرفض أن يعلن الوداع برفع اليد فيستعيض عن ذلك بحديث القلب والدمع فيقول:

هممت بتوديع الحبيب ولم أطق

فودعته بالقلب والعين تدمع

يكبر الصغار ويرحلون ليبدأوا زمنهم بقوانينهم هم لا نحن، ولا نملك حينها الا التسليم للواقع وتمني المستقبل المشرق لهم، يرحلون ليعيشوا كما عشنا غربتهم ويكونوا أنفسهم وليس هناك أجمل من دعم العائلة لشبابها المغتربين في هذه المرحلة المفصلية، دعم يحملهم المسؤولية في الجد والاجتهاد وتمثيل بلدهم وأسرهم بشرف، أرجع الله كل غائب تفتقده أسرته في مائدة واجباتها، وكل أخ يفتقده إخوته ويتحسسون موقعه في كل ضحكة وكل دمعة تقررها الحياة اليومية عليهم.

«ناصر»... ارجع بخير ومعك كل أصدقائك، ولا تفكر الا بمستقبلك، فنحن معك دائما وان فرقتنا الدنيا مؤقتا، فمكانك محجوز كما كان دائما في قلوب كل أسرتك وسنجتمع قريبا ونقول:

ولو فهم الناس التلاقي وحسنه

لحبب من أجل التلاقي التفرق

لا فرقنا الله ولا فرقكم. تفاءلوا.

 

 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك