خليل حيدر: إيران ناجحة في التسويف ولكن الوقت في غير صالحها

زاوية الكتاب

كتب 521 مشاهدات 0


إيران.. والتحديات القادمة ! لماذا تثير إيران القضايا والدعاوى القديمة، كلما أرادت الضغط على الدول الخليجية والعالم العربي؟ بل لماذا تلجأ إلى أساليب التهديد والوعيد، وإغراق الخليج بالنار والدماء ودول المنطقة كلها بالفوضى؟ لماذا، على العكس تماماً، لا تحاول بناء نظام سياسي اقتصادي استثماري تعليمي ناجح ومشع، يجعل إيران محط أنظار وتقدير الجميع.. وبخاصة الدول الخليجية والعربية؟ لماذا تسمح لأمثال السيد حسين شريعتمداري بأن يكبّد رصيد إيران السياسي في المنطقة هذه الفاتورة الباهظة، ربما خدمة لصعوده السلم الوظيفي او الوزاري، وتدفع إيران ويدفع شعبها ومصالحها الحيوية تكاليف طموحه الصحفية والإعلامية؟ لماذا لا تطور إيران نظامها السياسي بعد مرور ثلاثة عقود على ثورة 1979 تقريباً، باتجاه نظام مفتوح، وديموقراطية تعددية، تنافس به مثلاً الإسلاميين الأتراك؟ لماذا يجد الإسلاميون الأتراك من الثقة بأنفسهم ما يجعلهم يتنافسون مع أكثر من عشرة أحزاب ونحو سبعمائة مرشح مستقل، ويحققون هذه النتائج الباهرة، في انتخابات حرة مفتوحة على أبواب أوروبا ووسط كل أشكال الضغوط الدولية، بينما تحدد إيران حق الترشيح، وتحرم حتى أبناء ثورتها الإسلامية من الاصلاحيين، وتكمم أفواه طلاب التجديد والتطوير، بل وفوق هذا كله تبذل جهداً لا معنى له ولا ضرورة، لتدمير مصالحها في المنطقة ولوضع المزيد من الوقود في آلات الدعاية المضادة لها وللعلاقات العربية ـ الإيرانية والمعادية لتحسن العلاقات المذهبية المتوترة في المنطقة؟ إن الامكانات الإيرانية تفوق إمكانات تركيا بمراحل، والثروة البترولية والمالية والبشرية والجغرافية المتاحة لإيران ليست متاحة كلها لتركيا، وفي الجمهورية التركية مشاكل مع القومية الكردية والعربية والأرمنية بالإضافة الى الصراع المفتوح بين التيار الإسلامي والليبرالي والعلماني، وحسابات الوحدة الأوروبية الدقيقة وغير ذلك من توازنات، ولكن تركيا تحاول رغم هذا كله أن تكون عنصر استقرار ووسيلة تفاهم في المنطقة، ولا تثير باستمرار مثلاً مشاكلها مع اليونان، وهي القومية المجاورة ذات التاريخ الحافل بالتعقيدات مع تركيا، وبخاصة في مجال الجزر والمطالب التاريخية واحتمالات الاحتكاك! وها هي تركيا على أبواب ان تتحد مع اليونان من خلال الوحدة الأوروبية رغم كل الخلافات والذكريات المريرة عبر سنين طويلة. فقد مرت بعلاقات الشعبين حرب الاستقلال اليونانية قبل قرنين وقام اليونان بعد الحرب العالمية الاولى باحتلال غربي الاناضول قبل ان يخرجهم مصطفى كمال اتاتورك، وبين الاتراك واليونان مشاكل لا حصر لها وقضايا جزر وحدود بحرية وقضية شائكة مثل القضية القبرصية ومن فيها من أتراك ويونانيين. ثم ان الروابط والتاريخ المشترك بين تركيا واليونان اضعف بكثير، بكثير جداً في الواقع، من روابط إيران بدول مجلس التعاون خاصة وبالعالم العربي والثقافة العربية عامة. ومن الغريب حقا ان تنجح تركيا في استقطاب تقدير عدد لا يحصى من النخب السياسية والدينية العربية، بينما تتقلص باستمرار دائرة الصداقة الايرانية مع كل هذه الاوساط منذ سنوات! لماذا إذن تفشل إيران في استثمار كل هذه العلاقات والروابط، ولا تنجح في تجاوز عقلية الانسان البسيط والصحافي المغامر والتاجر الصغير، لتدخل عالم الاقتصاد الضخم والاسواق الواسعة وبناء دولة إيرانية عصرية، كما حاولت ونجحت بعض دول آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية، وتتسابق دول اخرى من دول القارة كالهند والصين؟ لاينبغي لايران ان تبحث عن مفاخر عظمتها في الزمن الغابر فهذا ما يقرّ به الجميع، فقد كانت المنطقة الآسيوية كلها، من الصين الى مصر وغيرها موطن أقدم الحضارات، ولا يحسن بها ان تنبش الخرائط والدعاوى والوثائق والعقود القديمة، فإيران، بما تمتلك من امكانات وآفاق تطور، في غنى كامل عن الفوائد الضئيلة المحدودة التي ستجلبها سياسة الضغط على هذه الدولة الخليجية او تلك، إذ بيدها، كما هو معروف، مفاتيح ان تكون دولة ذات وزن اقتصادي تنموي استثماري شديدة التأثير في المنطقة الخليجية والعربية والآسيوية، دون كل هذه المناورات العسكرية والقنابل الذرية ودون التهديد بحرق دول المنطقة وتحويل مياه الخليج الى دماء ودخان، ودون الاعتماد على حزب الله والمزايدة على الاحزاب الفسلطينية ودون إثارة كل هذا القيل والقال مع دول المنطقة الخليجية! باختصار وبصراحة، امام الجمهورية الايرانية تحديات ضخمة سياسية واقتصادية، داخلية وخارجية بحاجة ماسة الى من يتصدى لها ويستجيب لمطالبها وقد نجحت حتى الآن في التأجيل والتسويف.. ولكن الوقت آخذ في النفاد!.
الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك