ندير التعليم وفقا لأهواء المجتمع ومجاميع الضغط السياسي في مجلس الأمة.. كما يرى محمد السداني
زاوية الكتابكتب يناير 14, 2017, 12:01 ص 850 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- «نجحوا عيالنا»
محمد السداني
قرأت في إحدى الصحف أنَّ مجلس أبوظبي التعليمي أصدر نسبة النجاح برسوب خمسة وثمانين في المئة من الطلاب في الإمارة، وهذا ما جعلني أُصدم صدمة حياتي حيث إنّ نسبة النجاح عندنا تصل إلى تسعين وإلى أكثر من التسعين في المئة، والمؤلم أنَّ نسبة النجاح تكون لمواد تعد الأصعب في تاريخ الطلبة مثل الفيزياء واللغة العربية، والجميل في الخبر الذي قرأته عن أبو ظبي أن مسؤول دائرة التعليم في الإمارة قال: لن نجامل أحداً وهذه النسبة الحقيقية للطلاب، وهذا موقف شجاع ينمُّ أن الإمارات تسير على الدرب الصحيح في مواجهة مشكلة التعليم، فكيف لك أن تصلح الخلل وأنت لا تعرف موطنه.
المضحك أننا في الكويت ندير التعليم وفقا لأهواء المجتمع ومجاميع الضغط السياسي في مجلس الأمة، فتقِر وزارة التربية طريقة للتقييم فيضغط المسؤولون والسياسيون فتلغى تلك الطريقة والشعار الأعظم – نجحوا عيالنا- وكأنَّ النجاح حقٌ مكتسب لهم ولأبنائهم فلا يسقطون أبداً.
إنَّ الأمر الغريب أنَّ الدولة شرعت في خطة لتطوير التعليم في جميع نواحيه مع أنَّ نسب النجاح في كل عام تتخطى التسعين في المئة، فلماذا تنفق الكويت ملايين الدنانير وأبناؤها ناجحون ويحققون الدرجات العليا في مراحل دراستهم! إن الجواب على هذا الأمر لا يحتاج مختصاً تربوياً لكي يجيب عليه، إنَّ المسؤولين في وزارة التربية يعلمون علم اليقين أن النسب التي يصرحون بها سنوياً ليست النسبة الحقيقية، وأنَّ التقييم في وزارة التربية تقييم تغزوه المجاملات والخوف من التفرد في الإصلاح وينطبق عليه المثل المصري «يا نعيش عيشه فل يا نموت إحنا الكل».
كيف لدولة نسبة النجاح فيها تقارب المئة في المئة ولا يكون لها تصنيف في جداول جودة التعليم على مستوى العالم أو حتى على مستوى الوطن العربي أو حتى الخليج العربي، إلا أنَّنا نعلم أننا نضحك على بعضنا البعض، فالمسرحيات التي تحدث يومياً في المدارس باسم عملية التعليم لا قيمة لها إلا لإرضاء المسؤولين والتصفيق أمام كاميرات الإعلام.
وقبل أنَّ ننشد مركزاً لجودة التعليم في العالم، هل لنا أن نتساءل عن الهدف من التعليم في الكويت، وهل تملك الدولة خطة واستراتيجية للتعليم تتابع من خلالها نجاح التعليم ورداءته! بالطبع لن تجد أيا من هذه الأمور لأنَّنا لا نعيش استقراراً سياسياً في بلد تُشكل فيه حكومة كل سنتين، وأنَّ أجهزة التعليم من ضمن أجهزة المحاصصة والتنفيع، فلا يُعين صاحب الكفاءة ولكن صاحب الواسطة وابن العائلة وابن القبيلة، فكيف بالله عليك تريد أن ترى تعليماً ناجحاً ونحن نختار بهذه الطريقة.
وآخر صيحات تقويم الواقع التعليمي رفض البنك الدولي من قبل السياسيين، فتراهم يصرحون بما يعرفون وما لا يعرفون فقط دغدغة لمشاعر الناس وشحذاً لهممهم علَّ مجلسهم أنْ ينحل فيكونوا في مأمن من السقوط إلى الهاوية، والمضحك أننا سنرى بعد أيام قليلة تصريحاً لمسؤولي الوزارة أن نسب النجاح فاقت كل التوقعات وهذا بفضل الله وبفضل توجيهات فلان وفلان وفلان، ولا عزاء للكويت ولا لتعليمها ولا لشبابها، والمهم أن تُقام مآدب الغداء و العشاء فرحا لتخرج – عيالنا.
****
خارج النص:
كنت أتحدث مع وكيلة وزارة للتربية في السنوات السابقة، وقلت لها: يا أستاذة لابدَّ لنا أن نغير نظام القياس والتقويم في الكويت، فلا يمكن أن نظل على طريقتكم القديمة، فمن غير الصحيح أن يختبر جميع الطلاب باختلاف أنماط تفكيرهم بوسيلة قياس واحدة، فقالت: «إذا أنتو تدرسون وتحطون المنهج وتحطون الاختبار، إحنا شنو دورنا».
تعليقات