الإلحاد بدأ ينتشر في مجتمعاتنا لأنَّنا شوهنا أعظم رسالة في التاريخ.. كما يرى محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 588 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات - الإسلام... أزمة هوية!

محمد السداني

 

بينما نزل الإسلام منهجاً دقيقاً يُسيّر شتى أمور الحياة، مبتدئا من البيت إلى الحكم، نجد أنَّه وعلى مر السنوات وبفعل عوامل عدة، بدأ ينحرف التطبيق شيئاً فشيئاً عن مقاصده وعن أهدافه. ولعل أهمَّ مظاهر الانحراف هو اختزال الإسلام في إطار الحدود الشرعية متناسين ما يحمله هذا المنهج وهذا الدين من تعاليم سامية أنارت البشرية لقرون عديدة، وعلى اختلاف المذاهب نجد أنَّ ممارساتها تتقولب وفقا للجانب السياسي الذي تنشأ فيه - ولا أتحدث هنا عن الأمور الفقهية - بل الحديث عن الممارسات السياسية والمجتمعية التي تشكل مظهراً خارجياً للدين بناء للسلوكيات التي يـُؤصلها الممارس لهذا المذهب.

ومع الأسف، أن الممارسات السياسية بعد أن تطبق من قبل أصحاب المذاهب تُؤصل كفرع رئيس من فروع الدين، وبهذا تتراكم ممارسات دخيلة على الدين حتى تصبح أصلاً من يمسه يعد معتدياً على الدين وعلى ثوابته الغرَّاء!

إنَّنا في انجرافنا نحو الموروث الديني غير المنقح ننجرف نحو تأويلات تموج بين الصدق والكذب، بين الصحة والوضع، وعدم النظر في هذه النصوص واكتشاف ما هو أصل من هذا الدين وما هو دخيل أنتج لنا ممارسات ألصقت باسم الدين الإسلامي والدين منها براء. وهذا ينسحب على كل المذاهب الإسلامية، فتجد أنَّ البعض يؤمن إيماناً عميقاً بأن ما يفعله «داعش» هو ممارسة شرعية ضد الكفار وداعميهم. والآخر يرى «حزب الله» اللبناني ممهداً للمهدي المنتظر ومقيما لدولته الموعودة!. فدماء تسفك وبشر يشردون تحت صيحات الله أكبر ولبيك يا حسين! وهذا بالطبع لا يتعلق بمطبق السلوكيات الشاذة عن الدين ولكنَّه يتعلق بموروث خاطئ وغير منقح أدى بنا إلى صراعات تـُقام وتنتهي باسم الإسلام. وهذه الممارسات لم تكن لتوجد على أرض الواقع لو لم يعزها بعض شيوخ الدين وسادته إلى الأمثلة العليا في كل مذهب، فيذكر أنَّ فلانا قتلَ سبعين ألفا بمفرده، وأنَّ فلانا آخر وعدَ من يدافع عن مقدساته وقبره بأن يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب، وكلٌ في هذا الأمر يدلو بدلوه ويرفع رصيد الجوائز، فتسيل أنهارٌ من دماء الأبرياء بأيدي مغفلين لم يجهدوا أنفسهم في التعلم والتثقف قبل أن يجاهدوا بأنفسهم في قتالٍ، المقتولُ فيه لا محالة مظلوم والقاتل ظالم.

 

ونحن نشاهد جرائر التفسيرات الخاطئة للنصوص الدينية والأحاديث النبوية الشريفة، يجب علينا أن ندعم وبشدة دراسة هذه التفاسير وأن نبدأ في فهم مقاصد الإسلام، وألا يكون تنقيح الموروث تسفيهاً له وإخراجاً له من مضمونه، فيكون الإسلام إسلاما أميركياً أو سعودياً أو حتى إيرانياً، ويجب أن نؤمن بأن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وأنَّ المستجدات في حياتنا تدرس وفقا لسياقتها وتعاطينا معها وما تؤثر فيه من ضرر أو نفع.

خارج النص

لا أستغرب وأنا أشاهد الإلحاد يغزو أوروبا؛ لانفتاحها وتحررها في كل أفكارها، أما أن أرى ملحدين يبعدون 1200 كيلومتر عن مهبط الوحي ونواة الإسلام، فهذا المستغرب. ولكن بنظرة فاحصة وجدت أنَّ الإلحاد بدأ ينتشر في مجتمعاتنا لأنَّنا شوهنا أعظم رسالة في التاريخ - الإسلام - وجعلناها رمزا للدماء والقتل والدمار، فضلاً عن أن أصحاب التدين إقصائيون بامتياز، فهم لا يقبلون أخلاقياً بلا قالب إسلامي مهما كانت أخلاقه، وأصبحوا بدلاً من أن يلتفتوا إلى قضايا الأمة وبناء أفرادها، قيميين على أخلاق المجتمع وتصرفاته، فبدلاً من أن يربوا أبناءهم وينشئوا مجتمعا يطبقون فيه ما يريدون، يريدون إجبار الناس على أفكارهم ومبادئهم حتى وإن لم يؤمن الناس بها.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك