هل قسمت عنصرية ترامب أميركا؟!.. يتسائل علي الحويل

زاوية الكتاب

كتب 558 مشاهدات 0

د. علي الحويل

الانباء

الزاوية- هل قسمت عنصرية ترامب أميركا؟!

د. علي الحويل

 

في لقاء له في نوفمبر 2016 اثناء انتخابات الرئاسة الأميركية وصف عالم الاجتماع الأميركي Jonathan Haidt حالة المجتمع الأميركي بعد ترشح دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة بأنه اصيب بشرخ حاد وعميق يتجاوز حدود الخلاف السياسي المعهود بين اليمين واليسار ليصل لدرجة البغضاء والعدوانية تجاه الطرف الآخر، فمناوئي ترامب يشعرون بكراهية تجاهه وتجاه انصاره باعتبارهم يخربون الدولة الأميركية وإرثها الحضاري.

المراقب لسلوك المجتمع الأميركي الآن يلاحظ وجود مجموعة عوامل ومؤثرات تتحكم في هذه العدوانية المستجدة بين الطرفين الخصمين وتؤججها، اولها وأهمها الاصل القبلي للبشر بعصبيته التقليدية «أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب»، مبدأ قبليّ مكّن البشرية من التطور بالتنافس فيما بينها عبر العصور وإن كان بذاته مبعثا للخلافات بين الافراد والجماعات، استطاع الانسان تهذيبه باستخدام بدائل له لم تزل تأثيره التنافسي والعدواني لكنها مدّنته ومنحته صيغا مقبولة اجتماعيا منها التنافس الرياضي الذي يبلغ الذروة احيانا دون ان يجد الانسان تفسيرا للعصبية المفرطة التي يثيرها! وتبقى الحقيقة الأزلية أن الإنسانية لن ترى ابدا سلاما شاملا ودائما لما لهذا العامل من تأثير.

المؤثر الثاني يظهر في انقسام المجتمع الى فريقين الأول يؤمن بالوطن وبحقوق خاصة له فيه كونه مؤسسا له وليس طارئا عليه، والثاني ينفر من هذا ويؤمن بعالم مفتوح دون حدود ولا أفضلية لأحد فيه على الآخر، ويتداخل عامل ثالث هو الهجرة في تلك العلاقة ويحدد الإرث الحضاري للمجتمعات مدى تأثيره، معلوم ان الهجرات على المدى الطويل أسهمت في تطور الصناعات الأميركية والأوروبية ورواجها وحسنت مستوى رفاه المجتمع إلا أنها على المدى القصير تؤثر على مستوى دخل الأفراد بما تخلقه من منافسة شديدة على سوق العمل، ويمكن فهم تأثير عامل الهجرة على المجتمعات الغربية بمراجعة ما أحدثه في مجتمعات الدول الاسكندنافية وهي بطبيعتها متجانسة والأفراد فيها آمنون على دخولهم، لذا فقد رحبوا بداية بحماس بهجرة اللاجئين السوريين إليهم، الا انهم بعد بعض الوقت من التجربة تغير موقفهم وانقلبوا ضدها عندما هددت مستوى رعاية الدولة لهم لتحملها عبء المهاجرين الجدد!

تتدخل عوامل أخرى عديدة في تعزيز الانقسام الذي تسبب به ترشح ترامب ونجاحه كرئيس لأميركا منها عدم الإلمام والمعرفة بحقيقة الطرف الآخر وبالتالي تقييمه على اساس ما يراه هذا الطرف او ذاك في الآخر لا على أساس حقيقته الخافية عنه، وهناك التغيير الذي فرضه الاقتصاد على اتساع هوة الفوارق بين الحزبين الرئيسيين في أميركا الجمهوري والديموقراطي فقد احتدم تباين الآراء بينهما واصبح الانتماء لأحدهما يمثل المصلحة الشخصية للمنتسب لا الفكرية مما قلل من فرص الالتقاء وزاد من حدة الفرقة.

كانت هذه بعض الأنماط السلوكية المؤثرة على الفرد والمجتمع الأميركي حاليا والتي استفزها الطرح العنصري الذي تبناه الرئيس ترامب فانعكست على هيئة فرقة خطيرة ذات طابع عدواني غير مسبوق على المجتمع ترفض أطرافها كل محاولة للحوار بينها بعصبية بدائية مفرطة.

 

الانباء

تعليقات

اكتب تعليقك