ثمة فكرة مزروعة في أذهان الناس تتمثل في أن كل من يحضر حفلاً لسفارة ما فهو عميل.. برأي عدنان فرزات

زاوية الكتاب

كتب 400 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

عزيزنا «العميل»

عدنان فرزات

 

ثمة فكرة مزروعة في أذهان الناس تتمثل في أن كل من يحضر حفلاً لسفارة ما، فهو عميل لهذه السفارة، أو متعاون معها.

هذه الفكرة زرعتها بعض الأنظمة منذ أيام الشيوعية، واستمرت في عهد الأنظمة القومية، وذلك بسبب هاجس الخوف من أن يصبح مواطنها لاجئاً في دولة أخرى فيفضح هشاشتها أو ينقل معلومات خطيرة عن مصانع الفلافل النووية.

وأكثر سفارة كانت تتهم الأنظمة زائريها بالعمالة، هي السفارة الأميركية، فكانوا يقولون عنها إمبرالية ويتهمون كل من يزورها بأنه عميل أميركي، علماً بأن أميركا تعرف حتى لون غطاء اللحاف الذي يتدثر به زعماء تلك الأنطمة. بل إن هذه الأنظمة تستجدي رضا «ماما».

منذ فترة وأنا أحضر احتفالات يوم الاستقلال للسفارة الأميركية، ولم يطلب مني أحد أن أكون عميلاً. وقبل يومين، حضرت احتفال المناسبة نفسها، وسأبوح بالأسرار الخطيرة التي قمت بها هناك، فقد التقيت بمحامية صديقة، ووقفنا عند ركن يصنع الهمبورغر، ومن جميل الصدف أن الفتاة التي تشرف على الركن استوصت بنا خيراً، فدعمتنا بمكونات إضافية، ثم تسللنا إلى ركن آخر يعمل الشاورما، بصراحة لم تعجبني كثيراً كانت «ناقصة ملح»، قلت: كيف لأميركا العظمى أن تقدم شاورما باهتة الطعم ويقبلوا بأن يكونوا أقل من فرقة Spice Girls الإنكليزية؟

السر الآخر، لم تكن هناك مقاعد كافية، فاضطررنا للجلوس على درجات مسرح كان يقدم أغنية لمطربة صوتها قوي وجميل، وكانت ميزة هذا المكان الذي اخترناه أنه قريب من ركن الهمبورغر.

بعد ذلك تسللنا إلى ركن الآيس كريم، وأخذنا الذي فيه النصيب. وفي طريق تجوالنا في الحفل، وجدنا ضيوفاً يلتقطون الصور مع السفير الأميركي لورانس سيلفرمان، فعقدنا اتفاقاً بيني وبين المحامية أن أمسك لها كوب الآيس كريم ريثما تتصور هي، ثم تفعل هي معي الأمر نفسه.

لكن واجهتنا مشكلة، تتمثل في الازدحام عند المكان الذي سوف نستلم منه الصور، وللأمانة طريقتهم حضارية، فهم يرسلون لك الصور على الإيميل أو الواتس أب. ووجدت أن الأمر قد يطول، ولدي ارتباط آخر، فأنقذتني زميلة إعلامية في السفارة وعملت لي واسطة فوعدتني بإرسال الصور لي.

الغريب أنني خلال سنوات حضوري لهذه الاحتفالات، لم يعرض علي أحد أن أصبح عميلاً، كنت أحياناً أتجول بمفردي أستمتع بطريقتهم بالتعبير عن فرحتهم بيوم الاستقلال ولم يأتني ولا عرض للعمالة. لم أسمع كلمة «عميل» إلا من شركات الهاتف: «عزيزنا العميل».

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك