سحب الجنسية يجب ألا يكون عقاب سياسي للمعارضين.. بوجهة نظر وائل الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 529 مشاهدات 0

وائل الحساوي

 

الراي

من زاوية أخرى- غريب في... بيتي!

د. وائل الحساوي

 

ما أقسى أن يصحو الإنسان ليجد، بين ليلة وضحاها، أن وطنه جرده من هويته ومواطنته، وقذفه في غياهب المجهول، لتتقطع به السبل، ولا يجد ملجأ له.

هذه القصة القصيرة في سيناريو كتابتها، كانت طويلة جداً في ذيول معاناتها وتداعيات تنفيذها، عاش مأساتها بكل تفاصيلها المواطن عبدالله البرغش ونحو 50 فرداً من أفراد عائلته، كما عاشه عدد آخر من المواطنين سحبت منهم جنسياتهم لأسباب مختلفة، وجردوا من كل حقوقهم الوطنية، فُفصل الأبناء من المدارس الحكومية، وفُصل الموظفون من وظائفهم، كما صدر قرار بسحب البيوت منهم، ليجدوا أنفسهم «لاجئين في وطنهم» وهم الذين لم يعرفوا وطنا سواه. لتبدأ معركة قضائية خاضها البرغش وغيره مستخدمين سلاح القانون لاستعادة مواطنتهم التي جردوا منها، وخاضوا بحر القضاء بدرجاته المختلفة، فحكم لهم بعودة الجنسية، ثم أعيد سحبها في درجة تقاضٍ أخرى، لتعاد القضية في درجة ثالثة إلى مربعها الأول وتبدأ رحلة جديدة، من معاناة طويلة، جاء الحكم الذي صدر أول من أمس ليكون قاصم ظهر عائلة البرغش بتثبيت قرار سحب الجنسية باعتبار أن «القرار من أعمال السيادة والقضاء غير مختص ولائيا بنظر دعوى سحب الجنسية».

قرار محكمة التمييز أول من أمس الذي أسدل الستار على قضية البرغش قضائيا، بتثبيت قرار سحبت جنسيته وجنسية العشرات من عائلته، فتح ملف القضية سياسياً واجتماعياً، إثر ردود فعل أعقبت الحكم، وأكدت أن قضية سحب الجنسية يجب أن يكون لها ناظم قانوني يحكمها لإبعادها عن مسألة العقاب السياسي للمعارضين، كما يقول عدد من النواب. يأتي ذلك غداة رفض وزارة الداخلية التعديلات التي تقدم بها عدد من النواب على قانون الجنسية، والتي تقضي بإخضاع مسألة سحب الجنسية للقضاء، متذرعة بأن ذلك من أمور السيادة، التي ينبغي عدم إخضاعها للقانون، وهو الامر الذي رفضه النواب، كما قال النائب وليد الطبطبائي، الذي أشار إلى أن القانون أعطى السيادة للحكومة على أربع قضايا، هي الموافقة على تراخيص الصحف ومنح الجنسية وإنشاء دور العبادة وقرارات الإبعاد الإداري.

ولفت إلى ان أحد تلك القضايا تم تحريره من دائرة الأمور السيادية بتعديل القانون، وهو منح تراخيص الصحف، حيث أصبح وفق القانون من اختصاص وزارة الإعلام، وبالتالي فإن مقترح تعديل قانون الجنسية بما يتيح للقضاء وحده تولي مسألة سحب الجنسية، لا يخالف القانون، وهو حل وسط يوزع المسألة بين الطرفين، بحيث يجعل مسألة منح الجنسية من أمور السيادة، بينما سحبها لا يتم إلا عبر السلطة القضائية، وهو الأمر الذي يعمل النواب على تمريره.

وكنت أشرت في مقال سابق إلى أن التهدئة النيابية تجاه الحكومة مردها إلى أولويات قوانين يريد النواب إنجازها قبل أي مواجهة غير مضمونة العواقب مع الحكومة، ويأتي في مقدمتها التعديل على قانون الجنسية، إضافة لتعديل النظام الانتخابي. ولعل حكم محكمة التمييز، سيجعل تعديلات قانون الجنسية تتصدر أولويات المجلس، وسيضغط النواب في تمريرها، ولاسيما أن الملف شعبي بالدرجة الأولى وكان له نصيب الأسد من قضايا الحملات الانتخابية، يؤكد ذلك تصريحات النواب عقب الحكم التي شددت على ان الحكم سيكون دافعا قويا لتعديل القانون.

وبعيداً عن الحراك النيابي، وبعد الحكم، ينتظر الشارع الكويتي، ما نقله النواب عن القيادة السياسية بأن هناك انفراجة مقبلة سيشهدها شهر الأعياد فبراير، وها نحن في هذا الشهر، وبانتظار تلك الانفراجة التي يترقبها الكثيرون، ولاسيما ذوي العلاقة، بصبر كبير عسى أن تكون باب أمل جديدا يعيدهم إلى وطنهم، ويعيد إليهم مواطنتهم التي فقدوها بين ليلة وضحاها.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك