سامي خليفه: ستكون هناك حرب بالوكالة يقوم بها أصدقاء ايران ضد الوجود الأميركي،
زاوية الكتابكتب يوليو 30, 2007, 6:56 ص 489 مشاهدات 0
تفكير ... بصوت عال!
لا تستطيع إيران أن تنسى دور أميركا في محاربة الثورة الإسلامية ودعمها للديكتاتور
الشاهنشاهي وشن حرب غير مباشرة ضدها عبر الحليف للغرب صدام حسين، ولا أميركا تستطيع
أن تنسى الدور الإيراني في إفشال مخططاتها وعرقلة مصالحها في المنطقة، خصوصاً
وقوفها حجر العثرة أمام تأهيل الكيان الصهيوني للتطبيع مع المنطقة العربية.
الطرفان جربا الحرب النفسية المباشرة على مدى أكثر من ربع قرن من الزمن، ويسعيان
الآن إلى تجريب نمط آخر من العلاقات. فأميركا لم تستطع التأثير على إيران، وايران
لم تستطع الحد من النفوذ الأميركي على حدودها، خصوصاً بعد احتلال أميركا للعراق
وأفغانستان اللتين تمثلان بؤرتين ساخنتين لكل منهما. فلا إيران تستطيع أن تتحمل
وجوداً أميركياً قوياً في كل منهما، ولا أميركا تستطيع تحمل موقف إيراني معاد لها
في البلدين.
فلدى إيران أصدقاء وحلفاء في كلا البلدين، وأميركا لديها قوات كثيفة فيهما، فإذا
استمر العداء كما كان عليه، يصبح من المتوقع أن تزداد المواجهات بينهما في
أفغانستان والعراق، أي ستكون هناك حرب بالوكالة يقوم بها أصدقاء ايران وحلفاؤها ضد
الوجود الأميركي، وهذا ما لا تريده واشنطن اليوم لأنه بالتأكيد سوف يضعفها كثيراً
على الصعيدين الداخلي والخارجي، خصوصاً وأن الإدارة الحالية تعيش أزمة حقيقية في
مواجهة منافسيها على مقاعد الكونغرس والبيت الأبيض.
فالوجود الأميركي اليوم في العراق وأفغانستان بات يشبه بشكل كبير الوجود السوفياتي
في أفغانستان فترة الثمانينات، إذ كانت أميركا آنذاك تحارب السوفيات بدعم مجموعات
المجاهدين الأفغان، وفي النهاية كان ذلك أحد أهم أسباب سقوط الاتحاد السوفياتي.
وأحسب أن إدارة بوش تدرك ذلك جيداً، وبالتالي فإن استمرار الصورة بهذه الكيفية سوف
تؤدي بالتأكيد إلى استنزاف قدرات أميركا في المنطقة وإضعافها. وبالتالي يمكن
التعبير عن ذلك بالقول إن أميركا أرادت محاصرة إيران من خلال التواجد المباشر في
أفغانستان والعراق، فوجدت نفسها محاصرة من قبل النفوذ الإيراني في البلدين.
وأمام حقيقة أن أميركا سوف لن تستسلم لإيران، وأن إيران أيضاً لا يمكن أن تستسلم
لأميركا حتى وإن شنت حرباً عليها، فإنه من الطبيعي أن استمرار الحرب الباردة بينهما
معناه استمرار عرقلة مصالحهما في المنطقة، ومن هنا بات من الطبيعي أن يتوجه الاثنان
نحو الهدنة لاسترداد الأنفاس وإعادة رسم خريطة المواجهة من الآن فصاعداً على قاعدة
تفعيل «المشتركات» بدلاً من التصعيد وإبراز «المختلفات».
ومع قرب الانتخابات الأميركية وعودة الديموقراطيين إلى المقدمة في واشنطن، وتراجع
دور صقور الجمهوريين، تصبح الأجواء المقبلة أكثر ملاءمة للتطبيع السياسي بين
البلدين، وأحسب أنه في ما لو أعيدت العلاقات بين البلدين سوف لن تتعامل أميركا مع
إيران كما تتعامل مثلاً مع مصر أو السعودية أو الأردن أو غيرها من أنظمة الخليج، بل
سوف تضع أمام عينيها تجربة الربع قرن الماضية، والتي أثبتت فيها إيران أنها قوة
إقليمية عظمى لم تنهزم أمام أميركا وإسرائيل، وأنها قادرة على إلحاق الضرر بكل
منهما. ولنا في العلاقات الإيرانية ـ البريطانية اليوم مثل، إذ قررت بريطانيا مجبرة
على التعامل مع إيران على أساس الند بالند، وليس بفرض الأوامر والتوجيهات والهيمنة،
كما هو حال العلاقة بين الغرب والأنظمة العربية. إن المستقبل القريب سيشهد تغييرات
كبيرة على صعيد الخريطة السياسية، وكم أتمنى أن يدركها المعنيون!
الراي
تعليقات