تحركات مريبة لإعادة بناء «سور الكويت»!.. يكتب حمد العصيدان
زاوية الكتابكتب إبريل 2, 2017, 11:58 م 815 مشاهدات 0
الراي
من زاوية أخرى-تحركات مريبة لإعادة بناء «سور الكويت»!
حمد العصيدان
من المؤسف حقاً أن تحتكر فئة من المجتمع الكويتي، المواطنة لها وحدها، وتعتقد جازمة بأنها هي التي تمثل الكويت وأهل الكويت الأصليين، وأن غيرها من أبناء الوطن ليسوا إلا «لفو» جاؤوا إلى البلاد واستوطنوا فيها، ويعملون على سحب البساط من تحت تلك الفئة، كما يصور لها تفكيرها غير السويّ. وليتعزز، وفق تلك النظرة العنصرية الضيقة، التقسيم الذي اعتاد ترديده الكثيرون ممن يعترضون على نهج تلك الفئة بأن دماء الكويتيين «أزرق وأحمر».
ومن هذا المنطلق الضيق، جاء تحرّك مجموعة من تلك الفئة، أطلقوا على أنفسهم مسمى «مجموعة الثمانين»، أي أنهم 80 مواطناً، منهم رجال ونساء، وبينهم شخصيات معروفة كان لها دورها في مجلس الأمة ومجلس الوزراء، وعبرت، في أكثر من موقف تحت قبة عبدالله السالم، عن فكرها السقيم في تقسيم المجتمع الكويتي، لتأتي هذا الشخصيات، وتقود الأسبوع الماضي حراكا مناهضا لتوجه مجلس الأمة نحو تعديل قانون المحكمة الإدارية الخاص بالجنسية الكويتية، وخاصة في ما يتعلق بسحب الجنسية من المواطنين.
المؤسف في حراك «مجموعة الثمانين»، أنها تتحدث باسم الشعب الكويتي، وأنها تمثل الشعب، وجاءت لمنع المساس بهوية الكويت ورفض التعديل حفاظا على المجتمع، مهددين ومتوعدين بالويل والثبور لمن تسول له نفسه العبث بقانون الجنسية. والسؤال الذي يطرح نفسه أمام تحرّك هذه الفئة هو: كيف نصّبوا أنفسهم ممثلين للشعب؟ فهل 80 رجلاً وامرأة يمثلون مليونا ونيّف من البشر؟ وإذا كانوا هم الممثلون للشعب حقا، فماذا يمثل 50 نائبا في مجلس الأمة؟
حقيقة الأمر، أن تلك الفئة التي ادعت أنها تمثل الشعب، لا تمثل إلا نفسها، فأعضاؤها يمثلون توجها واحداً، وحيزا جغرافياً ضيقاً لا يمثل في أي شكل من الأشكال الكويت وأهلها، وجاءت ـ وللأسف الشديد ـ بنَفَس عنصري بغيض يزكم الأنوف، لتتحدث عن الوطنية والكويتي الأصيل، وكأنها تريد من حراكها ذاك العمل على إعادة بناء السور وإغلاق باب الكويت على «جبلة وشرق»، مع العلم أن بعض عناصر تلك المجموعة، هم من خارج هذا الإطار.
ولعل الغريب في الأمر، أن ادعاءت «مجموعة الثمانين» تلك، التي «اقتحمت» مجلس الأمة الأسبوع الماضي، تتمثل في حماية الكويت وهويتها، وتتهم نواباً في المجلس بأنهم يريدون حماية المزورين والمزدوجين. وحقيقة الأمر أن حراكهم ذاك هو إساءة للكويت وطعن في هويتها، ومحاولة للتفريق بين المواطنين، ولاسيما أن القانون الذي يعترضون عليه ليس له علاقة بالهوية والمواطنة، فهو يقتصر بإجراء تعديلات على قانون المحكمة الإدارية لتبسط سلطتها على مسألة سحب الجنسية من المواطنين، وإتاحة الحق لمن سحبت جنسيته أن يطعن في سحبها أمام القضاء، ولا علاقة له بمزورين ولا مزدوجين.
وما يؤكد ذلك، أن التصريحات النيابية أجمعت على أن الأمر يقتصر بلجوء من سحبت جنسيته إلى القضاء، لوقف سياسة الانتقام السياسي الذي قد تلجأ إليه الحكومة في مسألة سحب الجنسية، أما المزورون والمزدوجون، فالقانون لن يحميهم وسيكون مصير من يكتشف منهم سحب جنسيته.
ولا ندري إذا كان تحرك المسماة «مجموعة الثمانين» يتناغم مع التوجه الحكومي أو تم بالتنسيق بينهما، فالحكومة ترفض التعديلات المقترحة، وتؤكد أن مسألة منح الجنسية وسحبها تدخل في نطاق أعمال «السيادة» لها كسلطة حكم وليس كسلطة إدارة، وبالتالي كأن هناك تواصلا بين الطرفين، لا ندري إن كان روحيا أو هاتفيا، وإلا فما مغزى هذا التحرك من مجموعة بين أعضائها وزراء ونواب سابقون وشخصيات مجتمع مدني؟
الأمر يحتاج إلى توضيح من الحكومة حول موقفها من حراك تلك المجموعة، وخاصة أن الأمر ما زال حيّاً بوجود تعديلات المحكمة الإدارية على جلسة مجلس الأمة الأسبوع المقبل، فهل هي ضد هذا الحراك ولا علاقة لها به أم أنها أبدت موافقتها لإعادة إحياء سور الكويت؟!
تعليقات