اكتئاب المشاهير!.. يكتب خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 451 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- اكتئاب المشاهير!

خالد الطراح

 

 

اقتصر التعريف التقليدي بالمشاهير في الماضي البعيد على الفنانين من ممثلين ومغنين بوجه خاص، بسبب ظهورهم البارز تلفزيونيا وإذاعيا وصحافيا، حتى أصبحت أخبارهم أكثر جاذبية للمتابعة من أي تطور سياسي.

من مشاهير الفن والتمثيل الفنانة المصرية سعاد حسني، الملقبة بسندريلا الشاشة، التي توفيت في ظروف غامضة في لندن في 2001، لم تحسمها التحقيقات كليا، فمثلما حققت الشهرة في حياتها الفنية فقد جذبت متابعة إخبارية بعد دخولها مرحلة من مراحل العزلة النفسية والاجتماعية.

أقامت الفنانة الراحلة لفترة زمنية طويلة في أحد أحياء العاصمة البريطانية، حيث كانت تقيم في فندق متواضع نتيجة ظروفها المادية والنفسية، ومعاناتها من حالة متطورة من حالات الانطواء والعزلة، فمن فنانة فاتنة جاذبة للانتباه أينما ذهبت، إلى شخصية تكاد تتعرف على ملامحها أثناء فترة تلقيها العلاج في لندن.

من بين ما تردد إعلاميا وقانونيا، بعد وفاتها، أنها كانت تعاني حالة اكتئاب حادة، وكانت تخضع لعلاج نفسي، وكان الزميل الصحافي عرفان نظام الدين على عتبة أن يغوص في ذاكرتها لنشر مذكراتها بتفاصيلها الفنية والسياسية، إلا أن مشروع توثيق مذكراتها لم يكتمل بسبب وفاتها المفاجئة.

الاكتئاب مرض نفسي يصيب معظم المشاهير، ومن يقع في دائرة الضوء الإعلامي ويخرج من هذه الدائرة مرغما لأسباب إدارية أو سياسية أو فنية.

اليوم ليس مشاهير الفن وحدهم من يمكن أن يقعوا في فخ الاكتئاب والعزلة والانطواء، فكبار المسؤولين من وزراء وغيرهم من مسؤولين من الممكن أن يصابوا بالاكتئاب، فهم أيضا من فئة المشاهير الذين احتلوا موقعا ضمن دائرة الضوء، ولهم ظهور يومي في وسائل الإعلام.

هذا لا ينطبق طبعا على الجميع، ولكن على من يفقدون التوازن الذاتي حين يتقلدون مناصب رفيعة وفجأة يجدون أنفسهم على رصيف الحياة السياسية!

عندنا، لله الحمد، الأمر يختلف، فمعظم من يتبوأ منصبا وزاريا أو حكوميا لا يغيب عن ذاكرة أصحاب القرار، فإما يعودون بصفة مستشارين أو رؤساء وأعضاء مجالس إدارة مؤسسات حكومية، وهي مناصب ربما تكون خارج الطموح، لكن أفضل من العزلة المطلقة!

لذا نجد أن الاكتئاب من نصيب العامة من المحبطين، بينما كبار المسؤولين السابقين تضمن الحكومة للبعض منهم الاحتفاظ بهالات المنصب ضمن فريق الإدارة الرسمية!

الله لا يغير علينا، فلولا السياسة الحنونة في عدم نسيان معظم «السابقين» لضجت المستشفيات بالتنافس على الاكتئاب، ويتضخم ملف العلاج النفسي وربما العلاج في الخارج، وتتأثر استراتيجية التخطيط، حيث تذهب الأولوية في التخطيط للتوسع في عيادات تخصصية للعلاج النفسي، وربما الاستعانة بخبرات أجنبية لعلاج اكتئاب مشاهير العمل الحكومي وليس التخطيط التنموي!

يلوم البعض الصحف اليومية على ما ينشر من أخبار لا تبث روح التفاؤل والفرح، لكن الواقع يستوجب التدقيق في مصادر الأخبار التي تنشر التشاؤم والتذمر، فالصحف لا تختلق أخبارا تستهدف اغتيال الابتسامة، وإنما يتم نشر ورصد ما تشهده الساحة المحلية، وهي أخبار لا تبعث على السرور والمسؤولية، هنا لا تتحملها الصحافة، وإنما مصادر التخريب والعبث في المصائر.

ربما يقود الأمر إلى التوسع في فتح مراكز لعلاج اكتئاب مشاهير الإدارة الحكومية ويصبح لدينا طب نفسي عام، وطب نفسي لمشاهير و«ضحايا» عدم الخلود في المناصب الوزارية وغيرها!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك