عبدالله سهر يكتب عن محاربة الكفاءات بجامعة الكويت
زاوية الكتابكتب يوليو 31, 2007, 9:22 ص 649 مشاهدات 0
هنا الكويت
الحرب على الكفاءات: إسقاط على الجامعة
كتب:د. عبدالله سهر
المشكلة التي نعاني منها في الكويت تتمثل في أن الجميع يعرف أن الواسطات
والمحسوبيات شيء خطير، يأتي على حساب مخرجات الدولة، لكن الأغلبية تمارسها
بشكل أو بآخر. أحد صنوف الأمراض التي نعاني منها هو عدم ترك الفرصة للكفاءات
الوطنية لتأخذ دورها في عمليات صناعة قرارات الدولة. طبعا في الكويت الكل
يدعي أنه من الكفاءات المتميزة، وله الحق في ذلك لكن لا بد من وجود مقاييس في
ضوئها يمكن معرفة المتميزين عن غيرهم. المشكلة لا تتوقف عند التعيين للأقل
كفاءة في المناصب الإشرافية والإدارية العليا في مؤسسات الدولة المختلفة،
وإنما المشكلة العظمى تتمثل في شن الهجوم المخفي والعلني على المتميزين حينما
يبرهنون على تميزهم في عملهم.
الكثير من المسؤولين الذين أتوا إلى المناصب يعرفون جيدا قدراتهم في مقابل
قدرات الآخرين، كما يعرف الكثير منهم من أي باب قد دخل إلى كرسيه، ويعرف
هؤلاء من هو الأولى بالموقع الذي هو فيه يرتع ويلعب. وبالتالي فإن الشغل
الشاغل للكثير من هؤلاء هو شن الهجوم على الكفاءات لكي يتم طيهم في كنف الأقل
أو عديمي الكفاءة، أو التعسف بحقهم لكي يصدر عنهم ما يمكن تعييبهم منه وصرفهم
عن أداء عملهم الأمر الذي ينتهي بهم إلى الخروج من دائرة المثابرة والتطوير
أو الانطواء في خانة «مالي شغل، خلهم يسوون اللي يبون» . وهكذا تدور القصص
التي نسمعها في كل يوم أو التي ترسل إلينا عبر البريد أو تنقل عبر الهاتف أو
أثناء جلسة عابرة في السوق أو أي مكان عام مع من تم اللقاء معهم بمحض الصدفة
وهم إما أصدقاء قدامى أو حتى لا تعرفهم، لكن الصدفة جمعتهم للحديث حول هذا
الموضوع، فهل من المعقول ألا تعرف الحكومة ذلك، وهل من المعقول ألا تصل تلك
الشكاوى إلى المسؤولين، البعض من المسؤولين يقول: إن الجميع يتذمر وهذا فيه
شيء من الصحة، لكن هل من المعقول أن جميع من لديهم هذه المشكلات فقط متذمرون
أم يوجد من له حق؟
أعتقد أن المشكلة كبيرة وواضحة ولاتحتاج إلى جدل كبير، لكنها بحاجة إلى شجاعة
لمواجهة هذا الانحدار في إحدى القيم المهنية والوطنية التي يتناولها الدستور
حينما كفل العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين في المادتين السابعة
والثامنة، واعتبر تلك المبادئ من أركان المجتمع والدولة والواجب صيانتها من
العبث. وبالتأكيد حينما يعتبر الدستور الاستهانة بتلك المبادئ هدما لأركان
المجتمع وأمنه، فإن المشرع يعرف تماما ما يقوله.. فالمجتمعات التي حدثت فيها
اختلالات كانت تستهين بموازين العدالة والمساواة والاعتناء بالمهنية
والمتميزين، وأبدلت ذلك بالتصنيف بين المواطنين وتحكيم الجهلة أو جعل المناصب
تدور بين ثلة من الأشخاص دون سواهم ما سبب انحدارا عاما في الأداء.
وحتى لا نتحدث بالعموميات والمثاليات، نقول: إن تلك الممارسات تتم في جامعة
الكويت، إذ يتم تدوير المناصب للبعض، أو الاختيار وفقا لمعايير تجانب المهنية
والموضوعية. المشكلة أن الكثير من الأساتذة في الجامعة الذين نلتقي بهم
يتحدثون عن تلك الظواهر في الجامعة، لكن القلة هم من الذين يجهرون بها
والمسؤولون في الجامعة وخارجها طبعا في واد آخر. وعندما كثر الكلام عن هذه
الظواهر، طلعت علينا البدعة الجديدة التي سميت بـ«المتحدث الرسمي عن
الجامعة». شكرا لإدارة الجامعة على هذه البدعة التي جعلتنا نضحك قليلا بعد
كآبة المنظر من المنشآت وضيقة الخلق من المظالم التي نسمعها، وكثرة المشكلات
التي نعاني منها. شكرا لإدارة الجامعة على هذا المنصب الجديد الذي استحدثته
ليحل مكان المصدر المجهول الذي أخذ يصرح باسم الجامعة من خلف الجدران. كما
نتمنى أن يتم التكامل المؤسسي المنشود من خلال استحداث لمسميات ومناصب جديدة،
لكن أرجو ألا يكون بينها المهيب الركن، أو الجنرال، أو الجحفل، لأنها مسميات
لسنا مؤهلين لها في الوقت الراهن. ولا تستقيم مع الحالة الديموقراطية
الماثلة، وبالتالي يمكن تأجيلها إلى وقت آخر عندما يتم تكميم الأفواه.. ولنا
عودة.
الوسط
تعليقات