هيله المكيمي تراهن على الوحدة الوطنية في ذكرى الغزو

زاوية الكتاب

كتب 494 مشاهدات 0


ملف خاص الذكرى ورهان الوحدة الوطنية كتب:د. هيلة حمد المكيمي ملف خاص 17 سنة علي الغزو : قديم لايموت وجديد عاجز عن الولادة ***************************************************** تمر علينا في كل عام ذكرى 2 أغسطس وما تحمله من ذكريات أليمة تتمثل في الاحتلال وحرق الآبار والنزوح، وقافلة من المفقودين والأسرى والشهداء. بل إن ذلك التاريخ يعد ذكرى مؤلمة لشعوب وحكومات المنطقةكافة ولا سيما العقلاء منهم، فقد زج نظام المقبور صدام حسين منذ احتلاله دولة الكويت والمنطقة برمتها في أزمات أمنية واقتصادية متعاقبة دفعت الى إسقاطه عام 2003 لتدخل المنطقة العربية في دوامة جديدة من الأزمات. إلا أن الكويت استطاعت أن تتغلب على أزمة الاحتلال، مستعيدة دورها الدولي والاقليمي. فقد تمسكت بالمعاهدات والمواثيق الدولية في استعادة حقوقها المسلوبة، وبعد تخبط السياسات الأميركية في المنطقة تبنت الكويت سياسية الحياد الإيجابي الهادفة الى استقرار المنطقة، ومطالبة الإدارة الأميركية بضرورة الانفتاح على جميع الدول ومن ضمنها إيران وسورية، والابتعاد عن سياسات المحاور والتكتلات داخل المنظومة الاقليمية. فقد مثلت الكويت واحدا من أركان نظام الاعتدال العربي ضمن ما سمي بمحور الاعتدال الذي ضم كلا من السعودية والأردن والإمارات بالاضافة الى الكويت، بل إن الكويت مثّلت صوت الاعتدال داخل محور الاعتدال. كما تابع الصندوق الكويتي للتنمية العربية - الذراع اليمني للسياسة الخارجية الكويتية - دوره في التنمية العربية والدولية مترجما توجهات الكويت الى واقع ملموس تعيشه شعوب العالم حاملا شعار «نساعدك من أجل أن تساعد نفسك». فالصندوق الكويتي للتنمية العربية الذي يقدر رأس ماله بما لا يقل عن 2 مليار دينار، يستقطع من ارباحه سنويا نسبة 25 في المئة عائدا ربحيا لميزانية الحكومة .فسياسة الكويت الحكيمة لم تجعل منه صندوق هبات، بل هي مساعدات تأتي على صيغة مشاريع استثمارية تعود بالفائدة لكلا الطرفين. وقد تكون تلك السياسية المقننة والمدروسة أزعجت بعض الانظمة التي تعودت على نظام «الكاش» والشيكات المفتوحة ما جعل الكويت في بعض الاحيان محطة للانتقاد ولكن يبقى الرهان الكويتي هو الرهان الصحيح وهو الأبقى للكويت وبقية دول شعوب المنطقة. إلا أن التهديدات الأمنية ومصادر الأمن الوطني تظل الهاجس الذي يقض مضجع الكويتيين كافة حكومة وشعبا ولا سيما بعد التجربة المريرة لأحداث 2 أغسطس. فقد جاء الاحتلال وحرب تحرير الكويت في طليعة الأحداث التي صاحبت تغيرات مهمة على الساحة الدولية، تمثلت في انهيار الاتحاد السوفياتي كأحد قطبي السياسة الدولية، ما أوحى بالدخول في نظام دولي جديد قائم على الاحادية القطبية لمصلحة الولايات الأميركية المتحدة. وقد بشر المنظرون الأميركيون في نهاية التاريخ لمصلحة أميركا ذات القيم والإدارة العقلانية. فقد نجحت الإدارة الأميركية في إدارة حرب تحرير الكويت بعقلانية تمثلت في التركيز على التحالف الدولي والشرعية الدولية متمثلة في قرارات مجلس الأمن. تلك العقلانية كان يراقبها العالم وكذلك الكويتيون لضمان أمن واستقرار النظام العالمي الجديد ومنه منطقة الخليج. كما راهن الكويتيون على عامل الوقت الذي سوف يكون كفيلا بإقناع جميع الأنظمة في المنطقة بضرورة تبني سياسات وخطابات مسؤولة لضمان الامن الاقليمي. إلا أن بعد مرور 17 عاما على أزمة الاحتلال وبفعل التطورات الاقليمية المحيطة بدولة الكويت ، بدا واضحا أن تلك الرهانات لم تأت أُكُلها. فالإدارة الأميركية التي طرحت نفسها كأحد ضمانات أمن الخليج تسعى عبر اجتماعات 6+2+1 الى الاستعانة بدول الخليج لضمان انسحاب مشرف للقوات الأميركية من العراق، كما تبين أن عامل الوقت لم يسعف بعض دول المنطقة لاستيعاب التحولات الدولية وتبني خطاب معتدل مسؤول يساهم في تعزيز أمن المنطقة. فقد أطلق أخيرا عدد من رموز النظام الإيراني صيحات لتأكيد ملكية الجزر الإماراتية بينما اعتبر البعض أن البحرين ليست إلا محافظة ملغيا صيغة الدولة ناهيك عن المملكة!! ذلك الخطاب لا يختلف عن خطاب النظام العراقي في سنة الـ 90 حينما نادى بضرورة عودة الفرع الى الأصل معتبرا الكويت المحافظة العراقية 19 وقد دفع العراقيون تبعات ذلك الخطاب حتى هذا اللحظة،الا أن الغرور والاستعلاء ما زال يغيّب صوت العقل عن كثير من الأنظمة في المنطقة. فشل الإدارة الأميركية والأنظمة الاقليمية في ضمان أمن واستقرار الخليج يجعل الكويتيين أمام خيار وحيد هو أن صمام الأمان الحقيقي للكويت يكمن في الوحدة الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية على كافة الاعتبارات، سواء كانت مالية أو عائلية أو قبلية أو طائفية. ذلك الخيار يدركه الكويتيون جيدا، فبالرغم من ألم الاحتلال الا أن ذكرى 2 أغسطس هي أيضا ذكرى العصيان المدني، ومقاومة الاحتلال والتكافل الاجتماعي وذوبان الفوارق في كويت الداخل، أما كويت الخارج فقد كانت ذكرى تجديد البيعة للأسرة والالتفاف حول الدستور. لكن بعد مرور 17 عاما على التحرير انغمس الكويتيون في خضم المعترك والتجاذبات السياسية ما أدخل تلك الثوابت في حالة من الضبابية لا بد من تأكيدها والتذكير بها. لاأدل على ذلك من جلسة الاستجواب الأخير لوزير النفط السابق كانت تزامنت مع إعدام علي حسن المجيد الذي نكل أشد التنكيل بالكويتيين ولا سيما أبطال المقاومة، إلا أن الجلسة خلت من افتتاحية سواء من إدارة الجلسة أو الحكومة للوقوف على ذلك الحدث الذي هز وجدان ومشاعر جميع الكويتيين. نقول أن ذكرى 2 أغسطس تظل ذكرى مؤلمة لكنها تجلت فيها أعظم صور الوحدة الوطنية التي نحن أحوج ما نكون إليها في هذا الزمن، زمن التجاذبات السياسية التي قد تدفع الى المجهول.
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك