لا بدَّ علينا أن نخرج خارج سلطة النفعية المتمترسة برداء الدين..يطالب محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 458 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- هلَّ المُحرَّمُ

محمد السداني

 

عزيزي القارئ: إنَّ هذه المقالة لا تحث على أي نوع من أنواع الطائفية، ولا تقلل من شأن جماعة وترفع أخرى، ولكنها دعوة إلى إعادة النظر في ماهية السلوك والدوافع التي جعلت من الحسين شخصية تاريخية يشار لها بأنها رمزٌ لمحاربة الظلم والاستبداد والتمرد.

ما زال الإنسان يستلهم الخبرات والمواقف من خلال تفحصه في التاريخ الإنساني، وخصوصا وهو ينظر إلى تاريخ محيطه الذي يشاركه السلوكيات عينها مرتبطا بما ترتب عليها من آثار ونواتج، ولعل من أكثر الأحداث تأثيرا على التاريخ الإسلامي، هي حادثة - كربلاء - في العاشر من محرم والتي قتل فيها الحسين بن علي - رضي الله عنهما - وعدد كبير من أهله وأصحابه؛ مما شكلَّ طعنة في خاصرة العالم الإسلامي.

لقد خرج الحسين مدافعاً عن مبادئ العدل والمساواة والحرية، مطالباً بالحق الذي اغتصبته السلطة السياسية آنذاك، ولقد أصَّل بها مبدأ لكل إنسان حر يبحث عن بيئة أفضل للعيش وإن كانت الدنيا كلها تحت قدميه، ولكنَّ الحسين تسامى على كل مغريات الدنيا ومغريات السلطة، وصاح لا للظلم ولا لاغتصاب السلطة بالقوة وبالمال السياسي وغيرهما من المغريات التي حرفت مفاهيم الإسلام التي جاء ليعيد تشكيل المجتمع العربي والإسلامي بصورة تختلف وما كان موجودا في سابق الأزمان.

وبعد ما حلَّ بالحسين، صار الكثير من الناس يستذكرونه في هذا الشهر بكل حزنٍ وأسى، ولكنَّ الأمر الذي يكبُر الحزن بسنوات ضوئية، هو فهم ثورة الحسين وتحقيق أهدافها في حياتنا. إن كثيراً ممن يرفع راية الحسين مدعياً حبه وفهماً له، هو في الأصل متمترس تحت لواء شِمر بن ذي الجوشن، يخادع نفسه ويخادع المبادئ التي يدعي أنه يناصرها.

إنَّ نصرة الحق والوقوف مع الباطل لا يمكن لهما أن يجتمعا كقطبي المغناطيس، فلا يمكن لك أن تتبنى الفكر الحسيني، وأنت تقف مع كل سلطة مستبدة تظلم وتقمع الشعوب. ولا يمكن أن تدعي انتماءك للفكر الحسيني وأنت تناصر نظاما يقمع الناس باسم الحسين ويجوعهم باسم الحسين. ولا يمكن أن تكون حُسينيا وأنت ترى كل الدول التي ادعى سياسيوها أنهم ينطلقون من مبادئ الحسين لإدارتها، مدمرة بائسة فقيرة تأكلها الحروب وينهشها الجوع والعطش. لا يمكن لعاقل أن يصدق أن الحسين - رضي الله عنه وأرضاه - خرج من أجل حياة الشعوب في دول كثيرة حولنا ادعت وما زالت تدعي تبنيها للحسين ثورة ومنطلقا.

لا بدَّ علينا أن نخرج من قطيع أفكارنا التي سيطر عليها أناس آخرون، وسيروا أفعالنا وسلوكياتنا إلى غير مقتضياتها وأهدافها. لا بدَّ علينا أن نخرج خارج سلطة النفعية المتمترسة برداء الدين، والدين منها براء. يجب علينا أن نُعمِلَ العقل ونعرف أن الظلم واحد، سواء وقع على الحسين أم وقع على أضعف وأفقر مسلم في صحراء أفريقيا.

- خارج النص:

جهوزية وزارة التربية للعام الدراسي مثل جهوزيتها في كل عام، فشكرا للأعوام المتتالية التي كشفت لنا أن النظام في هذه الوزارة واحد، باختلاف الوزراء والمدراء.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك