النظرة العنصرية المريضة إلى العمالة الوافدة أدت إلى اتخاذ بعض الإجراءات السلبية تجاههم..برأي عبد العزيز الكندري

زاوية الكتاب

كتب 720 مشاهدات 0

عبد العزيز الكندري

الراي

ربيع الكلمات- الوافد إنسان... ومن البشر كذلك

عبد العزيز الكندري

 

«يوزن المرء بقوله، ويقوم بفعله». ابن خلدون

تحدث إليّ أحد الأصدقاء وهو من الوافدين، وطلب كتابة مقال عن معاناة الوافد، فقلت له تحدثت عن ذلك مرات عديدة، فقال: نعم، ولكن المشكلة حالياً أن موضوع الوافدين يتم طرحه في بعض وسائل الإعلام بطريقة استفزازية، فأصبحنا نشعر ذلك حتى في الشوارع أثناء قيادة السيارة من خلال نظرات الآخرين وعدم الاحترام ونلاحظ ذلك أينما ذهبنا.

لعل هذا أحد الأشخاص الذين يعانون من طرح موضوع الوافدين بطريقة مستفزة، حتى كثر الحديث عن ابعادهم والتضييق عليهم وعلى أرزاقهم لأتفه الأسباب ولربما من أجل مخالفة مرورية.

مشكلتنا الأساسية أننا عندما نتحدث عن الكثير من القضايا الكبرى، نطرحها بطريقة اللون الواحد والشكل الواحد، والتعميم أن كل الوافدين غير مرغوب فيهم، وجاءوا ليحلوا محل المواطنين، وهذا خطأ كبير في التعاطي مع القضية.

نحن دائماً نحاول الهروب للأمام، ولا نبحث عن حل حقيقي وتشخيص صحيح وواقعي للمشكلة. على سبيل المثال، الذي يتحدث عن تكويت الوظائف، هل تطرق لمشكلة تجار الإقامات الذين أخذوا كل ما يملك من هذا المسكين وتركوه في الشارع من دون حسيب أو رقيب؟

الوافدون ليسوا لونا وشكلا واحدا. هناك وافدون مخلصون في وظائف جداً مهمة، ونحن في أمس الحاجة لهم، مثل الأطباء والمعلمين وغيرهم كثير، والمخلص والمجتهد منهم يجب أن نحافظ عليه، سواء كان في القطاع الحكومي أو الشركات، لأنه يمثل عنصراً أساسياً في نمو البلد. أما العنصر غير الجيد والمهمل وغير الملتزم والذي يتسبب بالمشاكل والغش، هذا يجب أن يعاقب، سواء كان وافداً أو مواطناً.

لماذا إذا كان لدى الواحد منا مشروع أو يدير شركة خاصة، يبحث عن أفضل الكفاءات ويأتي بها للعمل معه، بغض النظر عن الجنسية، وإنما يتم التركيز على الكفاءة. أما إذا كانت ليست أموالي ولا شركتي، لا أحافظ عليها ولا أجلب أفضل الطاقات... هل هذه هي الأمانة؟ ‏

ماذا لو بعد مئة عام تغيرت الأمور وتبدل الحال وأصبح النفط عنصراً أو مصدراً غير مرغوب فيه، وجاءت مصادر أخرى غير موجودة لدينا، واحتاج أحفادك للسفر للخارج والبحث عن لقمة العيش الكريمة، هل تقبل أن تمارس عليهم العنصرية التي تمارسها على الوافدين؟ ترى الأيام دول، وبالشكر والحمد تدوم النعم.

ومن نافلة القول ان الكثير من الوافدين لا يعرفون بلداً ووطناً غير الكويت، وبعضهم أتى إلى هذه الأرض الطيبة قبل عشرات السنين وأصبح لديهم أولاد وأحفاد... وأصبحت أجيال تعيش على هذه الأرض الحبيبة، وبعضهم تزوج واختلطوا بالعوائل الكويتية.

إن النظرة العنصرية المريضة إلى العمالة الوافدة أدت إلى اتخاذ بعض الإجراءات السلبية تجاههم، خاصة من خلال تركيز إعلامي على بعض الحالات الفردية أو زيادة الأعباء المالية عليهم بطرق غير مدروسة ومن غير جدوى اقتصادية. يجب التعامل مع الموضوع بكل إنصاف وحيادية لأنهم شريك أساسي في المجتمع الكويتي. وتخيل لو أن الدول التي تأتي منها العمالة، أوقفت إيفادها إلينا، كيف سنتصرف وما زلنا في حاجة ماسة لهم؟

من الذي درّسنا في المراحل المختلفة؟ أليسوا الوافدين الذي نتهكم عليهم اليوم، وتلقينا العلاج كذلك على أيديهم. وتخيل معي أن أحد الوافدين عاش طفولته بالكويت، ودرس فيها وتزوج وولد جميع أبنائه في مستشفيات الكويت، ثم يجد مقابلة غير لطيفة من أحد الموظفين بكلمات جارحة للمشاعر مع كل أسف وهذا حدث بالفعل مع أحدهم، لا شك أنه أمر غير مقبول، وليس من رد الجميل لهم، و«وهل جزاء الاحسان إلا الإحسان». وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك