أحمد الديين: تنقيح للأحزاب وتداول السلطة ومنع غير المنتخب من العضوية بالمجلس

زاوية الكتاب

كتب 467 مشاهدات 0


التنقيح الديموقراطي! كتب أحمد الديين في العقود والسنوات الماضية، ومن باب سدِّ الذرائع أمام القوى المتربصة بالنظام الديموقراطي ومحاولاتها المتكررة لتنقيح الدستور في اتجاهات تستهدف تقليص الحقوق والحريات الديموقراطية وإضعاف دور مجلس الأمة في التشريع والرقابة... فقد كان الموقف العام للقوى والشخصيات السياسية؛ وكذلك بين الكتل النيابية؛ وعلى المستوى الشعبي هو عدم تقديم أي اقتراحات لتنقيح دستور 1962، وتأكيد أهمية الحفاظ عليه والدعوة إلى تطبيقه، هذا إذا استثنينا، لأسباب مفهومة، دوافع الاقتراح المكرر في شأن تنقيح المادة الثانية من الدستور المتصلة بالشريعة الإسلامية. ولكن يبدو أنّ الأمور تتجّه الآن نحو مواجهة محاولة جديدة تستهدف فرض «دستور» شكلي بديل مشابه لدساتير إحدى البلدان الخليجية المجاورة، بما يكرّس نهج الانفراد بالسلطة، ويحوّل مجلس الأمة عملياً إلى مجلس استشاري عاجز عن مساءلة الحكومة ولا يملك وحده سلطة إقرار القوانين... وهنا سيكون من الصعب الاكتفاء بالتعامل الدفاعي مع مثل هذه المحاولة الجديدة، بحيث أصبح لزاماً اللجوء إلى الهجوم الديموقراطي المضاد... فالهجوم قد يكون خير وسيلة للدفاع! هذا ناهيك عن أنّ هناك استحقاقات قائمة تدفع باتجاه استكمال مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة وتطوير النظام السياسي في البلاد، الذي يمثّل دستور 1962 حدّه الأدنى وليس سقفه الأعلى، وذلك على نحو متوافق مع ما يشهده عالمنا المعاصر من تحولات ديموقراطية كبرى وواسعة، حيث أصبحت الحريات الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان مبادئ أساسية وقيماً إنسانية عامة لايمكن النزول عنها ولا الانتقاص منها. ومن هنا تبرز الأهمية التاريخية لاسترجاع المقترح الريادي، الذي سبق أن أعدّه رئيس مجلس الأمة السابق النائب أحمد السعدون في شأن استكمال أسس النظام الدستوري البرلماني، عبر إنهاء الأحكام الاستثنائية في الدستور، التي تجيز، على خلاف الأصل المتبع في الدساتير الديموقراطية، بأن يكون الوزراء المعينون من غير النواب المنتخبين أعضاء في مجلس الأمة، ولا تشترط نيل الحكومة ثقة البرلمان عند تشكيلها ولا تصويته على برنامجها، وتبالغ في تحصينها منصب رئاسة مجلس الوزراء تجاه المساءلة النيابية... فهذه الاستثناءات ربما كانت مبررة ومقبولة عند وضع الدستور، ولكنها أصبحت اليوم تشكّل قيوداً وعراقيل غير ذات معنى تعيق تطور النظام السياسي الكويتي في الاتجاه الديموقراطي. وبالطبع لا يمكن أن تُستكَّمَل الديموقراطية في الكويت إلا عبر الإقرار بمبدأي التعددية السياسية والتداول السلمي والديموقراطي للسلطة التنفيذية، وهذا ما يفتقده نظامنا الدستوري القائم. ولعلّ الوقت قد حان لأن تكون هناك وقفة جديّة من القوى والشخصيات السياسية والكتل النيابية للتصدي لمحاولات القوى المتربصة بالديموقراطية، وفي الوقت نفسه للتوافق على أجندة وطنية للإصلاحات السياسية الديموقراطية... وذلك لأنّ هذه الإصلاحات مستحقة أولاً، ولأنّها ثانياً هي الطريقة الأمثل للتذكير بأنّ دستور 1962 يشكّل الحدّ الأدنى للنظام الديموقراطي، في مواجهة أجندة القوى المتخلفة ذات النزعة الاستبدادية، التي لا تزال بعد مرور خمسة وأربعين عاماً على التعاقد حول الدستور تتعامل معه وكأنّه خطأ تاريخي يجب تصحيحه!
عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك