خالد الطراح يكتب.. الأمن غير القومي

زاوية الكتاب

كتب 958 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- الأمن غير القومي

خالد الطراح

 

يبدو أن مفاهيم وقواعد ثابتة وواضحة تتغير عندنا أحيانا وفقا لغايات فردية وظروف مفتعلة، وهو واقع كويتي له تاريخ، حيث ان هذا الواقع له جمهور من مؤيدي عرقلة ووأد الاصلاح الذي ما ان دبت الحياة حوله بعد التحرير سرعان ما تراجعت الخطوات بسرعة لافتة حتى يتم تجميد كليا كل المساعي الرامية لإنقاذ البلد والخزانة العامة من نزيف مصطنع نتيجة اجراءات وقرارات غالبا ما تكون غير سليمة!

هناك مصطلحات غريبة الاهداف والمضمون، لكنها توغلت في عمق الممارسات التي استهدفت مرئيات انقاذ الدولة من هدر للمال العام من خلال مشاريع ورؤى اقتصادية بادر فيها نخبة من شخصيات كويتية لم تتقاض اجرا مقابل ما قدمته من رؤى على عكس ما تشهده الساحة اليوم من عقود استشارية لم تستفد منها الدولة حتى بنسبة %1!

لعل خير مثال على ذلك المبالغ التي تكبدتها الدولة في دراسة تخصيص شركة الخطوط الجوية الكويتية المؤسسة سابقا على مدى سنوات منذ التسعينات، حين تمت الاستعانة بالخطوط البريطانية ومن ثم شركة طيران لوفتهانزا وجهات استشارية اخرى قدمت جميعها نفس المرئيات لمراحل تخصيص «الكويتية» التي يعتبرها البعض اليوم طائرا وطنيا، وكأنها ركن سياسي واقتصادي للدولة، وهي – اي الشركة – في الحقيقة مصدر هدر علني للمال العام بسبب التردد في اتخاذ قرار ينقذ جهة حكومية من المزيد من الخسائر وتصحيح مسارها نحو الربحية والرقي بجودة الخدمات، على ان يكون للمواطن شراكة في الربح ايضا من خلال اكتتاب منصف وعادل ممكن ان يشكل استثمارا للمواطنين الذين ليس لهم نصيب في البورصة والتجارة!

كما هو معروف ان الهيئة العامة للاستثمار باشرت بعد التحرير بقرار حاسم وبدعم اياد لم ترتجف حينها في اتخاذ قرارات بيع بعض مساهمات الدولة عبر الاكتتاب العام او المزاد العلني وبشفافية مطلقة، وقد كان من بين المرئيات في تلك المرحلة معادلة بسيطة جدا تتمثل في اقامة شركة تملكها الدولة ويساهم فيها الشعب ايضا من خلال اكتتاب عام لإنشاء مستشفى خاص ومتطور على غرار ما تملكه الدولة من مستشفيات في العاصمة البريطانية قبل بيعها التي كانت الى حد كبير تستفيد من مرضى العلاج بالخارج من مواطنين كويتيين!

كان الهدف قائما على حسبة غير معقدة تنحصر في ان الدولة فيما لو تبنت فكرة انشاء مستشفى متطور في الكويت، سيسهم ذلك في تقليص تكاليف العلاج بالخارج، من حيث مصروفات تذاكر السفر والعلاج ومخصصات الصرف اليومية لكل مريض مع مرافقيه، وبالتالي يتم توفير مبالغ ضخمة من خلال استثمار ما لدى الدولة من سيولة في ذاك الوقت في انشاء اكثر من مستشفى وإدارة وتطوير ايضا المستشفيات القائمة.

لكن – كما هو معتاد – مشروع كهذا سيقطع الطريق على ذوي المصالح الذين اعتادوا على التغذي على العمولات، اي الاستفادة غير المشروعة من تمرير العقود للمستشفيات التي تخضع للإدارة الحكومية!

وقد تردد حينها مصطلح جديد بخلاف مصطلح الامن القومي المتعارف عليه دوليا، وهو «الامن القومي الصحي»!

«الامن القومي الصحي» يتمثل في رغبة المنتفعين من العقود الحكومية البقاء على وضع المستشفيات والوضع الصحي ايضا تحت الهيمنة الرسمية ككل، بينما الخزانة العامة تتآكل بقرارات حكومية!

من بين الدفاع المستميت الذي سوقه هؤلاء المنتفعون ومن وراءهم من متنفذين انذاك، ان خروج المستشفيات من عباءة الحكومة يشكل ضررا على الامن القومي الصحي!

خشيت في الماضي من ان يأتي يوم نشهد فيه تقنين الفساد، واليوم اخشى من ان يخرج مصطلح الامن القومي للفساد!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك