حمد الجاسر معلقا على صفقات السلاح: لمن السلاح مالم تتوفر الإرادة لاستخدامه
زاوية الكتابكتب أغسطس 6, 2007, 10:46 ص 574 مشاهدات 0
وجهة نظر
الصمصامة.. والساعد!
كتب:حمد الجاسر*
كنا في عشاء في السفارة الأميركية العام 1991، وعند نهايته وبعد انفضاض
الضيوف جلست أنا واثنان من الزملاء الكويتيين مع ديبلوماسي رفيع المستوى وبعض
مساعديه، وغلب على حديثنا الذي كان من النوع الذي يسميه الصحافيون «off the
record» موضوع صفقة أسلحة كانت تعتزم واشنطن بيعها للكويت، وقلت لهذا
الديبلوماسي: نحن سعداء بأنكم تبيعوننا هذه المعدات المتطورة ولكن لدينا شكوك
بأن حكوماتنا في الخليج لديها الجدارة والحنكة والجرأة على استخدام هذا
السلاح في المكان والزمان المناسبين، فقال لي الديبلوماسي دعني أقل لك قصة:
قال الديبلوماسي: في العام 1987 بدأت إيران تطلق صواريخ من نوع سيلكوورم ضد
السواحل الكويتية انطلاقا من منصات لها في شبه جزيرة عبادان عند مصب شط
العرب، واستهدفت الصواريخ منشآت وناقلات نفطية، واتصلت وزارة الدفاع الكويتية
بالجانب الأميركي طالبة مساعدة فنية لتطوير صواريخ «هوك» المضادة للطائرات
للتعامل مع هذه الصواريخ الصينية الصنع، المستشارون الأميركيون بحثوا الأمر
وقالوا إنه لا حاجة إلى تعديل صواريخ هوك، وكل ما هو مطلوب هو نصب بطارية من
«هوك» في نقطة معينة في جزيرة بوبيان وهذا ما سيجعل كل الصواريخ المنطلقة من
شبه جزيرة عبادان ضمن مدى الـ«هوك» حتى لو كانت تطير على ارتفاع منخفض، وهو
ما حدث اذ نقلت بطارية صواريخ كويتية الى هناك .
ويتابع الديبلوماسي: بعد أيام شاهد مستشار عسكري أمريكي كان موجودا في مقر
قيادة الدفاع الجوي الكويتي المنظر التالي في شاشة الرادار المركزي، صاروخ
سيلكوورم ينطلق من الساحل الإيراني في اتجاه الساحل الجنوبي للكويت ويدخل في
نطاق بطارية «هوك» التي في بوبيان ثم يخرج منه نحو السواحل الكويتية لكنه
لحسن الحظ يرتطم في البحر دون ان يصيب شيئا، ولم يتمالك المستشار إلا ان اتصل
بالضابط الكويتي في بوبيان وسأله: بالله عليك لماذا لم تطلق النار؟ فرد
الضابط أنه رصد الهدف واتخذ كل الاجراءات الفنية للاطلاق وتدمير الهدف لكنه
لم يحصل على موافقة القيادة على الضغط على الزناد.
ويضيف الديبلوماسي: بعدها بأيام اجتمع هذا المستشار بقيادي في وزارة الدفاع
وسأله لماذا لم تعطوا قائد البطارية الأمر بإطلاق النار، فأجابه القيادي
الكويتي: لم نرغب في أن نستفز إيران !!! فقال المستشار الأميركي: sorry sorry
إذ كان هذا هو فهمكم لكيفية الدفاع عن بلدكم فليس هناك سلاح في العالم يستطيع
ان يساعدكم .
ثم التفت إلي الديبلوماسي وقال : أرجو ان أكون أجبت عن سؤالك ..
مع الأسف هذا هو الواقع، فلدينا في دول مجلس التعاون الخليجي شهوة لا تنقطع
لعقد صفقات وشراء سلاح معقد ومتطور بأرقام فلكية، في الوقت الذي لم تعزز
تجربة الحرب العراقية - الايرانية ثم صدمة الغزو العراقي الثقة عندنا بأن
حكوماتنا تعرف بالضبط ما تريد أن تفعله بهذه الاسلحة أو أن لديها عقيدة
قتالية واضحة مرتبطة برؤية سياسية تجمع بين الحكمة وروح المبادرة، والآن
جاءنا وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس يروج لصفقات بعشرين ألف مليون دولار !
جاء في بعض كتب التراث أن عمرو بن معدي كرب وهو من صناديد العرب وفرسانهم كان
له سيف يسمى الصمصامة تنخلع من رؤيته قلوب الشجعان، فكان ان كتب عمر بن
الخطاب رضي الله عنه إليه ان أرسل لي الصمصامة انظر إليه، فلما أتوا
بالصمصامة فاذا هو مثل أي سيف آخر، فكتب له عمر: لم أر إلا حديدة، فرد ابن
معدي كرب «إنني إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث إليه بالساعد
الذي يضرب به»
لا نريد صمصامة الأميركان، نريد ساعدا خليجيا.
الوسط
تعليقات