أحد أسباب فشل الثورات هو فشل الإيمان بروح الثورة وأساس وجودها.. بوجهة نظر محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 766 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- الخليج... «فارسي»؟

محمد السداني

 

عزيزي القارئ: هذا المقال ليس للدفاع عن إيران ولا عن ثورتها، ولكن هو قراءة مختلفة بعد سنوات من الاطلاع والنضج والتجرد من العصبيات الفكرية.

إن عنفوان الشباب كان دائما يدفعني إلى معارضة كل ما هو فارسي أو إيراني؛ لما كان يبث دائماً في وسائل الإعلام عن إيران ودورها في تصدير الثورة إلى البلاد العربية والخليجية. ولم أكن أعلم في حقيقة الأمر ماذا يعنون بتصدير الثورة سوى أنه احتلال بمسمى آخر. ولكن بعد سنوات من النضج والقراءة والاطلاع بعين التجرد وجدت أنَّ الثورة الإيرانية بنجاحها واسقاطها لـ «عرش الطاووس»، والذي يعد أكبر حليف لأميركا أعظم القوى السياسية في العالم، وجدتها تستحق أن تدرس وينظر لها من جانب آخر، فالجانب الآخر هو كيف لفكر أن يسقط إمبراطورية عظيمة وحليفة لدولة قوية مثل أميركا! خصوصا أنَّ الفكر الذي أطاح بـ «عرش الطاووس» يصنف على أنه فكر إسلامي... حالة تستحق أن تدرس خصوصا أنها ثبتت نفسها على مدار سنوات طوال خاضت فيها حروبا وواجهت فيها أزمات كثيرة وصدمت أمامها وما زالت تصمد.

سمعت يوماً من السيد محمد فضل الله - رحمه الله - أنَّ تصدير الثورة لا يعني تصدير التشيّع، ولكن هو تصدير للأمل المنشود عند الأنظمة الإسلامية في أنَّ لها فرصة ومجالا في أن تحقق رغباتها وغاياتها في أن تحاكي الشعوب المتطلع إلى النظام الإسلامي في الحكم، وكان كلام السيد جميلا ومنطقيا خصوصا وأنَّ مع ظهور الثورة اتضحت الرؤية جيداً في من يريد اختفاء هذا الأمل وقمعه بأي شكل من الأشكال، وفي من يصفق للحريات ولرغبات الشعوب.

لا أقول هذا الكلام تمجيداً للثورة الإيرانية أو للنظام الإيراني الذي يحتل عواصم عربية عدة، ولكني معنيٌ بروح الثورة وحق الشعوب في إبداء آرائها وتطلعاتها وفق الممكن والمسموح ووفق قدرتها على التغيير ورسم خارطة طريق لمستقبلها مهما كلف هذا الأمل من تضحيات.

إنَّ الفوضى الفكرية التي عشناها مع نقرأه من نظريات وآراء عن الحريات والممارسات والسياسة مع نشهده من واقع مختلف تماما شكَّل لنا انفصاما فكريا لا مثيل له ولا نظير في أنحاء الكرة الأرضية، وخير مثال على ذلك عندما قامت ثورات «الربيع العربي»، رأينا إسلاميين يؤيدون الثورة في تونس وليبيا ومصر سورية ويعارضونها في مكان آخر، وتجد ليبراليين يؤيدون ثورة في إحدى الدول ويعارضونها في مصر ويصفقون لها في تونس. ولكل فريق العجب العجاب في تبريره لمواقفه، فلا الإسلامي إسلامي ولا الليبرالي ليبرالي، هي مسميات فقط كنوع من التصنيف الاجتماعي أو من الممكن أن تكون وراثة فكرية شأنها شأن المال والسيارات والعقارات ورثها من دون أن يعلم كيف جاءت وكيفت صارت.

 إن أحد أسباب فشل الثورات، هو فشل الإيمان بروح الثورة وأساس وجودها، وأنَّ الثورات هي رد فعل طبيعي لانتقاص المسؤول حقوق الفرد والجماعة، فالأنظمة التي ثارت شعوبها لو حاربت أسباب الثورة قبل أن تحارب الثورة ذاتها لما وجدت الثورة أساسا، وكنا نعيش فوضى فكرية تجد فيها من يدعو للديموقراطية يصفق للدبابة التي تسحق صندوق الاقتراع... ونعيش فوضى فكرية تجد فيها الإسلاميون يحاربون بعضهم بعضا لخلاف في مسألة الأسماء والصفات وغيرها من الأمور التي لا تتصل بواقع السياسية شيئاً حتى رأى البعض أنهم لا يصلحون لممارسة شيء سوى أن يكونوا رهبانا في مساجدهم لا علاقة له بالدولة إلا في مناسباتها الدينية - إن وجدت - فوضى فكرية تستوجب أن تتصالح الأجساد مع الأفكار التي تحملها حتى يكون هناك اتزان في الطرح وتوافق بين المنطوق والمفعول.

خارج النص:

- في بداية اهتمامي بالسياسة كنت أموت غيظا إذا ذكر اسم - الخليج الفارسي - أو - خليج البصرة - لأنَّي كنت أشعر أنَّ هذا الأمر تعدٍ على هويتي وعلى انتمائي الخليجي العربي. وبعدها بسنوات وأنا أرى التشرذم العربي الخليجي بين الإخوة والأشقاء، أتمنى لو يسمونه «خليجا باكستانياً»، لكي نعود لوضعنا وماضينا الجميل الذي يضم تاريخا عريقا يجمعنا أكثر مما يفرقنا.

- وزارة التربية تلغي مشروع مدارس المستقبل بعد سنوات من العمل به... عقبال المدارس العامة لأنَّ وجودها أصبح مثل عدمها.

 

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك