الإنترنت وتطور الإعلام العالمي سرقا الإعلام من «السلطات» وحررا الناس من الوصاية الإعلامية.. هكذا يرى عبد اللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 822 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

لهذا يطالبون بتعميم القهر!

عبد اللطيف الدعيج

 

تكونت لدي قناعة، بعد طول المعاناة في محاولات ترويج الحريات والدفاع عن حرية الرأي بالذات، بأنني أنفخ في قربة مقطوعة، وأن العم «أصمخ» والأقارب ليسوا بأفضل سمع منه.

بل لدي قناعة الآن بأن الحملة «المشبوهة» للدفاع عن الوطن والتصدي المزعوم للهجمات والاعتداءات الإعلامية عليه، لدي قناعة بأنها حملة تستهدف أول ما تستهدف حرية الرأي وحقوق التعبير، وأنها رد هستيري واضح على الانفتاح والتحولات الإعلامية في المنطقة.

طوال عمرنا – أقصد في الإقليم المحيط وليس في الكويت فقط – كنا نخضع للإعلام المنمق و«المزهلق» لـ«السلطة». كان إعلاماً، وبالطبع لا يزال، موجهاً لتغييب الناس ومصادرة حقهم في الاطلاع والمساهمة في الحياة العامة. كان الإنسان هنا متلقياً فحسب، يستقبل ويتقبل، ليست له القدرة ولا الحق في الاعتراض، وليس لديه مجال للنقاش أو إبداء رأيه وطرح معتقداته.

الإنترنت، وتطور الإعلام العالمي سرقا الإعلام من «السلطات» وحررا الناس من الوصاية الإعلامية لمؤسسات الدولة والأجهزة الحاكمة، وأصبح الفرد في مجتمعاتنا فاعلاً بدلاً من أن يكون مفعولاً إعلامياً، وأخذ يوجه أو على الأقل يعتقد أنه يوجِّه ولا يُوجَّه، أو يُساق كما هو هوى السلطة.

هذا أصاب المجاميع والقوى المحافظة بالهلع. وسارعت إلى إصدار التشريعات والقوانين الجديدة، المقيدة لحرية الرأي والكابحة للقدرات الإعلامية الناشئة للعامة. لهذا فإنني أرى بثقة أن الهجمة المشبوهة المتخفية تحت دعاوى الوطنية والغيرة الكويتية على الدولة ومسؤوليها ما هي في حقيقتها إلا هجمة رجعية تتولاها القوى والمجاميع المتعارضة مع التطورات الإعلامية والمتضررة من اليقظة والتحرر الجماهيري الذي رافقها أو بالأحرى أسفرت عنه.

هجمة رجعية من جميع القوى المتضررة، سواء في دول الإقليم أو هنا في الكويت، فالقوى التي قيدت الحريات وحاصرت حقوق التعبير عن الرأي يزعجها أن ترى أن هذه القيود تتحطم والناس يتحررون تحت ضغوط التفاعل الديموقراطي مع دول الإقليم.

لهذا فإن الدعوات المتلبسة بالوطنية تدعو إلى تعميم القهر والتقييد على الشعوب والدول الصديقة بدلاً من الدعوة الطبيعية إلى تحرير الحريات هنا وكسر القيود التي فرضت عليه بفعل انتهاك الدستور والمبادئ الأساسية للنظام الديموقراطي

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك