أين حقوقنا التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأقرها دستور الدولة التي تشرعون لها وتحكمون؟!.. يتسائل عبد اللطيف الدعيج

زاوية الكتاب

كتب 1041 مشاهدات 0

عبد اللطيف الدعيج

القبس

دستورنا إنساني

عبد اللطيف الدعيج

 

 

المذكرة التفسيرية لدستور دولة الكويت وضعت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مرجعاً أساسياً للدستور الكويتي، خصوصاً الباب الثالث منه؛ الحقوق والواجبات العامة. هذا يعني أن الدستور ونظام الحكم الكويتي لم يستمدا جذورهما من التراث أو التقاليد أو الموروث الديني، ولا من أي مما أزعجنا المتعصبون والمناهضون للتقدم والتطور من المتمسكين بالقديم وبالأمس به. الدستور الكويتي وضع نصب عينيه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأعلن بشكل يكاد يكون مباشراً التزامه به. بل ليس من الخطأ على الإطلاق الإعلان عن أن مجمل ما يتعلق بالحقوق والواجبات العامة في الدستور الكويتي تم اقتباسه بالنص من الإعلان المشار إليه.

والمذكرة التفسيرية تشير إلى ذلك بوضوح وبدقة ربما مقصودة. ففي تفسير المادة 29 نجد وقد آثرت هذه المادة ألا تضيف إلى ذلك عبارة «أو اللون أو الثروة» – برغم ورود مثل هذه العبارة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – وذلك لأن شبهة التفريق العنصري لا وجود لها في البلاد.. المفسر الدستوري الكويتي هنا كأنه يعتذر لتجاهله التمييز بسبب «اللون أو الثروة» الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي موضع آخر يتم تأكيد التزام الدستور بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاقتباس منه. ففي تفسير المواد 32 ،33 ،34 من الدستور، فإن المفسر يقرر أن الدستور لم يجد ضرورة «للنص صراحة على حظر «العقوبات الوحشية» برغم ورود هذا الحظر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – وذلك باعتبار هذا النوع من العقوبات لا مكان له أصلاً في المجتمع الكويتي ولا توجد مظنة تقريره مستقبلاً».

ما أريد تأكيده هنا هو أن النظام السياسي الكويتي يجب ألا يفسر وفق أهواء البعض أو ميراثهم وتقاليدهم. فمن الجلي والواضح أن هذا النظام والدستور، الذي يحدد أصوله وقواعده، تجاهلا تماماً موروث الأمة وعاداتها وتقاليدها ولم ترد إلا إشارة مقتضبة تُقرر وضع كل ذلك في المتحف: «تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي، وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية» تصون.. تصون ولا تفرض أو تطبق كما يحلو لدعاة عاداتنا وتقاليدنا أن يكرروا ترديده.

لهذا فإن ما يجري طرحه هذه الأيام من قبل بعض العفويين أو من بعض المزورين والمتلاعبين بالنصوص الدستورية حول تقنين وتحديد حرية الرأي والتعبير؛ بحجة عاداتنا وتقاليدنا، ليس صحيحاً ولا يمت للدستور بصلة، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي التزم به الدستور وصادقت عليه حكومات دولة الكويت ومجالس أمتها، ينص صراحة على أن حرية الرأي والتعبير مطلقة أو مكفولة كما جاء في النص الكويتي، ويؤكد هذا الإعلان حق الفرد في «التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود». وفي ختام الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي بجله دستور الكويت نص صريح على أنه «.. ليس في هذا الإعلان أيُّ نصٍّ يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيَّة دولة أو جماعة، أو أيِّ فرد، أيَّ حقٍّ في القيام بأيِّ نشاط أو بأيِّ فعل يهدف إلى هدم أيٍّ من الحقوق والحرِّيات المنصوص عليها فيه».

فيا أيها المتخلفون في المجلس والحكومة، اين حقوقنا التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأقرها دستور الدولة التي تشرعون لها وتحكمون؟!

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك