مبدعون خلف أسوار مجهولة!.. بقلم خالد الطراح

زاوية الكتاب

كتب 3311 مشاهدات 0

خالد الطراح

القبس

من الذاكرة- مبدعون خلف أسوار مجهولة!

خالد الطراح

 

ليس سراً أن تاريخ الكويت منذ نشأتها شهد تعقيدات سياسية مختلفة وباتجاهات صادمة سواء في المرحلة التي سبقت استقلال الكويت أو بعدها، لا سيما بعد صدور الدستور في 1962 وما تلا ذلك من سنوات معروفة بالحلول غير الدستورية لمجلس الأمة الذي أدى استبدال مجلس الأمة قبل الغزو بما يعرف بالمجلس الوطني حتى أفول تلك المرحلة بعد التحرير وعودة الحياة الديموقراطية.

المكتسبات الدستورية التي ننعم فيها اليوم هي اساسا جاءت نتيجة نضال سياسي لرجالات من اسر الكويت منهم من توفاهم الله ومنهم على قيد الحياة وندعو لهم بدوام الصحة وان يشهدوا تطورا سياسياً ايجابياً يضاف الى ما لدينا من انجازات وطنية حتى يطمئنوا على كويت الدستور قبل أن تغمض عيونهم بمشيئة الله سبحانه وتعالى.

الانجازات التاريخية الدستورية صاحبتها ايضا انجازات ثقافية وأدبية على يد شخصيات كويتية موهوبة بالإبداع على الرغم من تواضع المستوى التعليمي لبعض هذه الشخصيات لكنها كانت جزءا اساسيا من تاريخ الثقافة في الكويت.

من هذه الشخصيات البارزة الشاعر المعروف المرحوم فهد بورسلي الذي وثق كثير من اعماله من قبل مؤرخين وباحثين كويتيين بينما هناك جزء كبير من قصائده التي لم توثق رسمياً نظراً لطبيعتها ومضمونها لكنها كانت تتناقل من جيل الى آخر حتى يومنا هذا.

كان المرحوم انور النوري (بومناور) من بين الشخصيات التي تميزت بالحفظ للعديد من قصائد شاعر الكويت فهد بورسلي (1960 – 1918) خصوصاً غير الموثقة، ففي مناسبات مختلفة كان يروي المرحوم بومناور قصائد بورسلي وحكايات عن أساليب الهجاء والنقد والمواقف التي تميز فيها الشاعر فهد بورسلي لمجمل الظروف والأوضاع التي شهدتها الكويت بوجه خاص وكذلك الوطن العربي بوجه عام.

احيا في ذاكرتي هذه الروايات والأمسيات الطيبة مع الاخ الكبير بومناور رحمة الله عليه، الاخ الفاضل حمد الحمد الذي تفضل مشكورا بإهدائي مجموعة قيمة من مؤلفاته منها «فهد راشد بورسلي.. شاعر الكويت الشعبي ورحلة الابداع والتمرد والمعاناة».

بقدر ما تمتعت بقراءة كتاب الاخ حمد الحمد وسرده لروايات المعاناة التي قاساها شاعر الكويت بورسلي، شعرت بالحسرة والجزع من مستقبل قد يكون مفزعاً حين يُجتزأ المزيد من التاريخ الحديث او يُحرف، فأمثال الشاعر فهد بورسلي وأعماله التي كانت بمنزلة «الصحيفة الشعبية لذاك الزمان» لم توثق بشكل دقيق ورسمي، بل واجه شاعر الكويت بورسلي قرارات اقصائه او عزله عن مجتمعه في «مصح» كما ورد في الكتاب بسبب انه سعى بضمير المواطن ان يعبر عن معاناة شعبية لظروف سياسية واقتصادية وثقافية وتصحيحها من أجل الكويت وشعبها، لكن مضمون القصائد ترجم آنذاك بأنها تجاوزت المحظور الاجتماعي والسياسي!

في الخمسينات من القرن العشرين حين كان يتدافع اهل الكويت من رواد الثقافة والفكر والتنوير من اجل نهضة ثقافية بينما واجه المرحوم بورسلي قرار العزل الاجتماعي!

ترى أين يمكن أن ينتهي المطاف بشاعرنا بورسلي وغيره ونحن في القرن الواحد والعشرين والكويت تشهد وضعاً غير مفرحٍ؟!

من قصائده:

«الدار.. جارت.. ما عليها شافة

والحر.. فيها شايف.. ما عافه

آسف على الطيب.. تردى حاله

وإلا الردى.. ما من عليه احسافه».

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك