مشاريع الترشح والعمل السياسي لن تنجح في إحداث تغيير في ظل منظومة قانونية وسياسية تميل كفتها لمصلحة السلطة التنفيذية برأي سليمان الخضاري

زاوية الكتاب

كتب سليمان إبراهيم الخضاري 690 مشاهدات 0


الراي:

بمتابعة بسيطة لتوالي أنباء الأمور المتعلقة بالفساد، وتراجع أداء مؤسسات الدولة، يبدو مبرراً تماماً... أن يحتار المرء منا في نقطة البداية لأي عملية إصلاح حقيقية، فكما يقولون، «الشق عود»، وكلما تحدثنا عن مثال للفساد في الدولة قفز علينا أحدهم، وهو على حق في كثير من الأحيان، بسؤاله عن مواضع أخرى للفساد وأولوية البدء بمعالجتها، ويستمر النقاش في هذا الموضوع بشكل دائري نبدأ عنده من نقطة لننتهي إليها، والمحصلة، أن المزيد من الناس يشعرون باليأس وعبثية هذه النقاشات، وهو ما لا نلوم الكثيرين عليه.
ما يشجع تعاظم حالة الإحباط هذه هو أن أجهزة الدولة الموقرة «مو مقصرة فينا»، ففي كل فترة يثار ملف معين من ملفات الفساد وينشغل المجتمع به، لتفاجئنا الدولة نفسها بإثارة ملف جديد ننشغل به عن الملف الأول الذي لم نرَ خطوات ملموسة لحله جذريا، لنبدأ في التفاعل مع هذا الملف الجديد ويحصل معه في النهاية ما حصل مع الملف الذي سبقه، ولنا في قضية الشهادات المزورة ومشاكل هيئة الزراعة أمثلة جيدة لما سبق، مما يعزز في نفوس الكثيرين أن تعامل الدولة مع تلك القضايا بتلك الطريقة، هو تعامل متعمد ومقصود والهدف منه هو المزيد من الإحباط في نفوس الناس وزرع اليأس في ضمائرهم من إمكانية حصول أي تغيير جذري في طريقة إدارة أجهزتنا الحكومية، مما ينتج عنه عزوف عن أي عمل أو جهد فردي أو جماعي تجاه التغيير والإصلاح، مما يبقي الحال... كما هو عليه!
إن أخطر ما ينتج عما سبق هو التشكك الذي بدأنا نلمسه في نفوس الناس من أي شخص «قد» ينوي الدخول في معترك الحياة العامة رافعا شعارات إصلاحية، فما يرشح - أو ينسب حتى لا يزعلون حبايبنا الأعضاء - عن فساد بعض أعضاء السلطة التشريعية، وهي المؤسسة الوحيدة في الدولة التي قد يستطيع المواطن البسيط ممارسة دوره - وفقا للدستور الحالي - في إدارة الدولة من خلالها عبر الترشح والانتخاب، وصل حدا أثر بشكل سلبي على تفاعل الناس مع فكرة النشاط السياسي أساساً، وعلى مشاريع الترشح للانتخابات المصحوبة بشعارات إصلاحية، مهما صدقت النوايا!
وعوداً على بدء وبالرجوع لعنوان المقال، «من أين نبدأ»، يؤسفني أن أصارحكم بأن مفاتيح اللعبة السياسية في الكويت ووفقا للدستور أولا وللواقع التاريخي ثانيا هي غالبا بيد السلطة التنفيذية، وعليه، فلا يمكن أن نتوقع أن يكون الحديث بيننا كمواطنين حول قضايا الفساد ونشاطنا ضده ذا جدوى ولن يتجاوز الـ«فضفضة» إن لم يصاحب ذلك تحركا في اتجاه السلطة التنفيذية والضغط عليها لتتعامل مع الملفات العالقة بشكل أكثر مصداقية ومطمئن لنفوس الناس!
هذه ليست دعوة لليأس، بل هي دعوة للواقعية، فكل مشاريع الترشح والعمل السياسي في البلاد، لن تنجح في إحداث تغيير حقيقي في ظل منظومة قانونية وسياسية تميل فيها كفة التوازن لمصلحة السلطة التنفيذية، وحتى تتغير تلك الموازين، فلا «يزعل» منا أصدقاؤنا الوزراء في نقدهم وبقسوة أحيانا.
فهذا معظم ما نملكه... حاليا!

تعليقات

اكتب تعليقك