زايد الزيد: على القادة الخليجيين التفكير جدياً في ترك كل المعارك «الهامشية والصحفية» والتركيز على مسألة «الوجود من عدمه» من خلال هذا الاتحاد

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 597 مشاهدات 0


تطورات كبيرة تضرب منطقة الخليج والجزيرة العربية بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضربة جوية أميركية في مطار بغداد، رداً على تدبير سليماني لهجمات ضد المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط كما يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتسببت هذه الضربة الجوية القاتلة بصدمة لدى القيادات في طهران، فالإيرانيون جن جنونهم لمقتل أحد أهم قادتهم العسكريين لا في الفترة التي أعقبت ما يسمى بـ «الثورة الإسلامية في إيران» عام 1979 فحسب بل في التاريخ الإيراني الممتد على مدار أكثر من 3000 سنة كما يقول بعضهم.
وسارعت إيران إلى التهديد بالانتقام من المصالح الأميركية في منطقة الخليج العربي، وتعني بهذه المصالح القواعد العسكرية الأميركية التي تتواجد في دول مجلس التعاون الخليجي، وأبرزها القواعد الموجودة في الكويت وقطر والإمارات، إضافة إلى تهديد حركة الملاحة في الخليج العربي، حيث تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز بعملياتها العسكرية، ما يتسبب بقطع شريان النفط عن العالم، وخنق دول الخليج التي تعتمد اعتماداً كلياً على تصدير النفط وبيعه، في ظل عدم بنائها لاقتصاد قوي يعتمد على الصناعة والخدمات والسياحة وغيرها مع الأسف الشديد.
وكشفت هذه الأزمة عن «المسكوت عنه» لدى دول الخليج العربي، وهو أمر لطالما حذر كبار الخبراء الاستراتيجيين منه، وهو عدم وجود خطة خليجية واضحة لمجابهة الأخطار الإقليمية في المنطقة، ونعني بهذه الأخطار وبكل صراحة الخطر الإيراني الناتج عن غضبها من الوجود الأميركي في المنطقة.
فمنذ الغزو العراقي للكويت عام 1990، وحرب التحرير عام 1991، كانت كلمة السر لدى دول مجلس التعاون الخليجي هي «الوجود الأميركي في المنطقة»، حيث استغلت دول مجلس التعاون حاجة الولايات المتحدة لإمدادات لا تنتهي من النفط والغاز من هذه المنطقة، ووجود المصالح الحيوية الأميركية، لكن هذه المصالح اليوم بدأت تتغير شيئاً فشيء عقب ارتفاع نسبة النفط الذي تقوم الولايات المتحدة بتصديره للعالم، وعقب تصاعد الحرب التجارية مع الصين والتي جعلت الولايات المتحدة تركز أكثر على الشرق الآسيوي.
وللمرة الأولى، بات الحديث «جدياً» عن إمكانية خروج الأمريكان من المنطقة وانسحابهم منها، فما الذي عملناه نحن في دول الخليج طوال السنوات الماضية؟ للأسف ورغم موقفنا السياسي الموحد - تقريباً - في القضايا الكبرى، واتحاد شعوبنا ووحدتها، فإننا لم نقم باستكمال التكامل السياسي والعسكري والاقتصادي، ولم نقم ببناء قوة اقتصادية موحدة، ولا قوة عسكرية تخيف أعداءنا وتحمي مصالحنا الحيوية في حال انسحاب الأميركيين من المنطقة.
وبدلاً من ذلك، انغمسنا في الصراعات الجانبية بين الدول، والتي لم نتمكن من حل بعضها حتى الآن، وإذا لم نتحد الآن فمتى نتحد؟
الاتحاد الخليجي تحول اليوم من «طموح» للشعوب الخليجية إلى «ضرورة» للحفاظ على الوجود، والخوف من الاضمحلال نتيجة تغير موازين القوى في المنطقة، لذلك فإن على القادة الخليجيين التفكير جدياً في ترك كل المعارك «الهامشية والصحفية» والتركيز على مسألة «الوجود من عدمه» من خلال هذا الاتحاد.
وليس في الاتحاد عيب أو منقصة لدولة على حساب أخرى، بل على العكس، في الاتحاد قوة وهيبة، ولنا في الاتحاد الأوروبي مثال، فعندما تعرضت أوروبا لخطر الاضمحلال، بسبب تغير موازين القوى، وبروز قوى دولية جديدة مثل الاتحاد السوفييتي والصين والولايات المتحدة الأميركية، وزوال العالم الاستعماري الذي كانت تحكمه بريطانيا وفرنسا، قررت الدولتان العدوتان، إضافة إلى ألمانيا عدوتهم اللدودة أيضاً، الاتحاد وتشكيل قوة اقتصادية وعسكرية ضاربة، فهل نحن في دول الخليج الصغيرة جغرافياً والقليلة سكانياً أفضل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا؟

تعليقات

اكتب تعليقك