‫وليد الرجيب: وجود توجه لمناقشة الدستور في مثل هذا الوقت حيث تمر البلاد والعالم بمثل هذا الفيروس اللعين وفي ظل وضع إقليمي مضطرب هو أمر غير مناسب أو ضروري‬

زاوية الكتاب

كتب وليد الرجيب 632 مشاهدات 0



في الستين عاماً المنصرمة من عمر الديموقراطية، مرّت الكويت بأزمات سياسية متتالية، بدءاً بتزوير الانتخابات وتعليق العمل بالدستور مرتين، مروراً بتجربة المجلس الوطني المشؤومة، والتي تلاها الغزو العراقي الغاشم، وتعديل الدوائر الانتخابية مرات عدة.
والتجربة الديموقراطية التي تحققت بفضل المطالبة الدؤوبة للشعب الكويتي، ما زالت تتعرّض للترصد والتربص، ما يجعل الشعب في حالة حذر، خوفاً من تجدد تغيير الدستور في أي مناسبة سانحة، والتي سبّبت الكثير من السلبيات والألم في الماضي.
وقد رشّحت في الآونة الأخيرة أنباء عن تشكيل مجموعات استشارية، لتدارس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والانتخابية والدستور، وهو ما أثار ريبة المواطنين حول نوايا تشكيل هذه اللجان.
ومن دون الدخول في النوايا أو الارتكان لنظرية المؤامرة، إلا أن اللدغات التي عانى منها الشعب الكويتي، وشعوره الدائم أن الدستور معرّض للتغيير، تحت ذرائع معتادة على مر السنوات السابقة، تجعله يشك ويخشى بل ويذعر من أي حديث رسمي حوله.
إن التشاور مع المختصين من المخلصين هو أمر محمود، ففي ما يخص قانون الانتخاب، فقد أثبتت تجربة الصوت الواحد كارثيتها على الديموقراطية، كما أن توزيع الدوائر ونقل الأصوات وشراء الذمم واستخدام المال السياسي، وكذلك نظام الفرعيات الذي أصبح شبه عرف، أساء لتجربتنا الديموقراطية الراقية، ومن خلال التجارب في الدول المتقدمة، فقد ثبت أن الانتخابات على أساس القائمة النسبية، على أن ينتخب المواطنون على أساس البرامج وليس الأشخاص، فبعد ما يقارب الستين عاماً من التجربة، آن الأوان أن يتم الأخذ بالاتجاه الأكثر تطوراً واعتماداً عالمياً، وهذا يتطلب إتاحة تشكيل الأحزاب السياسية على أسس وطنية.
كما أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى ان تتخلى الدولة عن الريعية والاعتماد الكلي على النفط، فقد ثبت في الأزمة الصحية الحالية، أنه سلعة متذبذبة لأسباب مختلفة، فالكويت تملك الإمكانات والكوادر والمبدعين، لتنويع مصادر الدخل من خلال الاعتماد أولاً على مشتقات النفط، وفرض ضريبة عادلة تصاعدية على الشركات والدخول الكبيرة، وليس الانصياع إلى وصفات صندوق النقد الدولي، بالتقشف والخصخصة ورفع الدعم عن الخدمات، وزيادة ثراء القلة وإفقار الغالبية.
واجتماعياً تدعونا الحاجة للرجوع إلى مبادئ الدولة المدنية، بحيث تصبح الدولة هي مرجع وملاذ المواطن، وليس قبيلته أو طائفته أو عائلته، ونشر ثقافة السلوك الحضاري، واحترام قيم العمل ومؤسسات الدولة والمحافظة عليها.
إن وجود توجه لمناقشة الدستور في مثل هذا الوقت، حيث تمر البلاد والعالم بمثل هذا الفيروس اللعين، وفي ظل وضع إقليمي مضطرب، هو أمر غير مناسب أو ضروري، بل يجب أن توجه الجهود الآن، لمحاصرة الفيروس وسلامة المواطنين، وتوفر كل الإمكانات والجهود لهذا الغرض، فلا داعي لتحميل المواطنين مزيداً من القلق على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.

تعليقات

اكتب تعليقك