‫طلال عبدالكريم العرب: عزوف الكويتيين عن الدراسات العلمية تتحمل وزره الحكومات الكويتية ومجالس الأمة المتعاقبة كلها‬

زاوية الكتاب

كتب طلال عبد الكريم العرب 366 مشاهدات 0


في سنة 2019 وزعت وزارة التربية 50 مليون دينار على نحو 80 ألف موظف مقابل ما سمي بأعمال ممتازة، وهو رقم فلكي لوزارة عدد موظفيها نحو 111 ألفاً، كان نصيب الأسد منها للهيئة التدريسية. أما هذه السنة، فقد أعلنت الوزارة عن كشف بأسماء المستحقين للأعمال الممتازة وعددهم 89092 معلما وإداريا، وفقا للضوابط والشروط، ولا بد أنها ضوابط وشروط علمية بحتة.

ونحن هنا نتمنى للكويت دوام التقدم والازدهار التعليمي الذي لا تزال مخرجاته في انحدار متواصل من سيئ الى الأسوأ على مستوى العالمين العربي والأجنبي، ونتساءل مرة، ومرات عن ماهية الأعمال الممتازة التي قام بها هذا العدد الهائل من المعلمين والاداريين حتى استحقوا هذا التميز النادر، وهل زيادة العشرة آلاف مستحق عن العام المنصرم هي زيادة حقيقية للمتميزين؟ حيث نتمنى حقيقة أن يكونوا كذلك، فاذا كان المقصود ما تم إنجازه في سنة 2020، فهي بالتأكيد سنة كارثية. أما إذا كانت لأعمال سنة 2019، فلينورونا عن الفارق المهم المميز عن أداء سنة 2018 وما سبقها.

هناك سؤال محير يجول في خاطر كل من كان قلبه على مخرجات التعليم، الذي هو مستقبل الكويت، فإذا كان هذا العدد الهائل من مدرسي وموظفي وزارة التربية والتعليم وحدها قاموا بنحو 90 ألف عمل ممتاز لكل فرد على الأقل، فلماذا إذا يتدنى المستوى التعليمي سنة بعد أخرى؟ ولماذا زادت نسبة الرسوب والانسحابات من الاختبارات، بعد التشديد على الغشاشين؟ فالمفترض أن كل من حصل على تقدير الأعمال الممتازة قد قام بعمل خارج عن العادة والمألوف، فما هي تلك الأعمال المتميزة التي أنجزوها؟ وكشوفات الشهادات المزيفة والمضروبة لن تحملها بعارين الكويت ومعها الجزيرة العربية، والتسيب ضارب أطنابه في وزارات ومؤسسات حكومية؟

وبما أننا نتكلم هنا عن التعليم والمعلمين، وبما أن الحديث يدور عن الأعمال الممتازة، والأعمال الممتازة لا تمنح إلا لمن أنجز أعمالا علمية تنهض بالعلم والتعليم، وإذا علمنا أن عدد المعلمين الكويتيين ذوي الاختصاصات العلمية بحدود الخمسين، فما هي اختصاصات التسعين ألفا حتى استحقوا تلك الأعمال المميزة، ويبدو أن وزارة التربية قد وعت أخيرا أن الكويت في أمس الحاجة الى التخصصات العلمية بين المعلمين الكويتيين، فقامت بنشر قائمة تشجيعية بتلك التخصصات النادرة مع حوافز مالية وإدارية ومهنية نتمنى أن تكون مجزية ومعتبرة.

فقد كشفت إحصائية مؤسفة لوزارة التربية عن أن إجمالي عدد المعلمين الكويتيين بلغ 49864، منهم 41664 معلمة، و8200 معلم، جلّهم في التخصصات الأدبية، وكشف التقرير أن الوزارة تعاني نقصاً في الكوادر الوطنية في التخصصات العلمية مثل الكيمياء، والفيزياء، والرياضيات، وغيرها.

عزوف الكويتيين عن الدراسات العلمية تتحمل وزره الحكومات الكويتية ومجالس الأمة المتعاقبة كلها، وقد يكون أحد الأسباب الرئيسية لهذا الاستخفاف بالعلم هي أن كل الوزراء والنواب، إلا ما ندر، هم من المخرجات الأدبية، أو أنهم بلا مخرجات إطلاقا، فهم غير مهتمين بالجانب العلمي المطلوب للكويت.

كان من المفترض بهم أن يعوا هذا التقهقر العلمي والتعليمي المخزي لمخرجات التعليم، وأن يضعوا لها حلولا، منها الحوافز المادية والمعنوية والوظيفية، ومنها أن تتوقف المنح المالية التي ليس لها أي مسوغ لطلبة الجامعة والتطبيقي لذوي التخصصات الأدبية وحصرها على العلمية فقط، فدراسة المواد العلمية أصعب بكثير من التخصصات الأدبية، ويجب أن تمّيز عن غيرها.

تعليقات

اكتب تعليقك