رجا القحطاني: محمد في مواجهة "السعره" !
الأدب الشعبي#قصة_حقيقية
رجا القحطاني يناير 31, 2022, 2:56 م 1977 مشاهدات 0
قبل أكثر من سبعين عاما وفي ليلة صيفية في إحدى قرى الإحساء، كان (محمد)الشاب المغترب يهيئ فراشه للنوم أمام خيمته البسيطة بعد عناء يوم كامل في طلب الرزق ،،
وفي لحظة مفاجئة استرعت سمعه أصوات عالية منبعثة من جهة المساكن الخشبية التي لاتبعد عن خيمتة كثيرا، تحولت الأصوات الصرخات إلى ضجة هستيرية تتصاعد من كل ناحية:
السعرة،السعرة، اذبحوها ..لا تأكل عيالكم !..
وماهي الا لحظات حتى فوجئ محمد بحيوان وحشي يقف أمامه متأهبا للإنقضاض عليه.
إنها السعرة ! …تلفت يمنة ويسرة بحثا عن آلة ،أي شئ ليدافع عن نفسه، لم يمهله الوقت ،هاجمته السعرة بكل قوتها الفوضوية ،وضعت يديها على كتفيه مثبتة قدميها على الأرض،،ماكان من محمد إلاالإسراع بإمساك أذنيها الكبيرتين محاولا إبعاد فمها عنه.استمر في استجماع قوته الجسدية في تلك اللحظة فجائية الشراسة.قد يفقد ثباته إن أهدر صوته في الإستنجاد.
كانت الدهشة تملأ قلبه وعينيه من هذا الوحش غير المألوف في صحراء الجزيرة.
إنها السعرة ،،أطلق البدو عليها هذا الاسم تشبيها بالسعار،لايُعرف انتماؤها النوعي على وجه الدقة وإن كانت بحسب التصورات أشبه بفصيلة نمور المناطق الباردة نحيفة الجسم ،قيل أن أحد الأجانب الغربيين في بداية اكتشاف البترول جلب أعدادا قليلة منها مقيدةً إلى تلك البراري المحيطة بالاحساء ..ويقال أنه لما أطلقها لدراسة قدرتهاعلى التكيف أصابها الهيجان الشبيه بالسعار لعدم قدرتها على التأقلم في تلك البيئة المضادة.
مايزال محمد يستحلب قواه صامدا أمام السعرة وتمضي قوافل الليل بطيئة وهما يتنازعان هذه الحالة الدراماتيكية وكأنها لقطة من فيلم مرعب!
لم يستطع أحدهما طرح الأخر أرضا وإن تمكنت السعرة بطرف مخلبها احداث خدش في وجه محمد بقي ندبةً شاهدة على ماحدث.
لم يكن بجوار محمد إلا جاره الوحيد الذي ظل متسمراً في مكانه وهو يحتضن أطفاله من هول الموقف.
ولما مضت قوافل الليل أطبق الإنهاك والسأم على المتصارعين ،
بكل ماتبقي لديه من قوة دفعها محمد إلى الخلف مستشعرا انقضاضها عليه كرّة أخرى إلا أنها نكصت على عقبيها هاربة .
سارع محمد بتجهيز بندقيته التي لم يستخدمها منذ فترة طويلة وظل مترقبا ًوحذرا ً ينتظر قدوم الصباح، وما إن تبددت الظلمة تجدد الصياح من المساكن المجاورة منذراً بعودة السعرة ..حمل محمد بندقيته وهرول نحو العراء بغية استدراجها إذ توقع ملاحقتها له تأثرا برائحة الدم الذي أسالته أثناء احتدام الصراع بينهما، وكان توقعه صائبا،، اندفعت السعرة نحوه في سرعة هائلة وكأنها تضمر حقدا شديدا تجاهه،وقبل اقترابها منه ببضعة أمتار أطلق محمد عليها النار فأرداها قتيلة .
وبشئ من اللامبالاة تركها على حالها وعاد إلى خيمته،، أحدهم سحب السعرة إلى إمارة الإحساء إذكانت الإمارةقد أعلنت عن مكافأة مجزية لمن يقتل هذه الحيوانات المتوحشة التي أحدثت رعباً شديداً بين الناس واعتدت على مواشيهم ، وفي حالات نادرة اختطفت الأطفال من أحضان أمهاتهم خارج الخيام! .كان محمد قد سمع بخبر المكافأة لكنه بدافع عزة النفس لم يسعَ إليها. وقيل أن وكيل الإمارة لما سمع بحادثة قتل السعرة سأل كبير جماعة محمد مذهولاً:
هل صاحبكم بتلك الجسامة اذ صارع السعرة وقتلها؟
أجابه:لا:لكنها شجاعة القلب تزيد من قوة وتحمل الرجل.كما أن محمد امتنع عن أخذ المكافأة مرةً أخرى.
على طريقتهم البسيطة في استكشاف داء الكلَب صنع أصحاب
محمد حجرا ًصحيًّا له للتأكد من سلامته،وقد عاش محمد عمراً مديدا ًحتي توفى اثر حادث دهسٍ في أواخر سبعينيات القرن الفائت وكانت له مغامرات عديدة يرويها جماعته المقربون سيّما مع الذئاب والجني!.
كتب رجا القحطاني
تعليقات