داهم القحطاني: الحكومة وإبر التخدير

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 395 مشاهدات 0


الكويت تتبدل، وتُغير من أوضاعها المتردية، وهذا بالفعل مشهد يسعد الكثيرين، ولكن ولنضع مليون خط تحت كلمة ولكن.

ولكن.. هل يكفي أن نعالج من أُصيب بمرض عضال بالمسكنات أو حتى بعمليات جراحية صغرى قد تخدر قليلا من آلامه لكنها لن تقضي على المرض ذاته، ولن تتمكن حتى من وقف انتشاره؟

مشكلتنا الحقيقية لا تكمن فقط بالفساد، ولا بالصراعات السياسية، ولا حتى بالتنافس غير الصحي بين أصحاب رؤوس الأموال، ولكنها تكمن في أن الصيغة الحالية للنظام البرلماني دستوراً وممارسة لم تعد قادرةً على أن تكون آلية صالحة لإدارة البلد.

لهذا نجد أن السلطة في تعب دائم، والشعب كذلك، في حين تتمتع باستمرار في هذا النظام البرلماني الهرم، قوى الفساد، وأيضاً القوى السياسية سواء كانت تيارات سياسية أو شخصيات سياسية مستقلة.

ولكن كيف يكون ذلك؟ 

قوى الفساد بالطبع تستفيد من أي نظام يفتقد للحوكمة أي انتظام السياسات العامة وخضوعها لحكم القانون، وتستفيد أيضاً من أي نظام برلماني يفتقد التداول السلمي للسلطة، والمقصود هنا بالسلطة الجزء التنفيذي منها أي تشكيل الحكومة رئيساً ووزراء.

أما التيارات السياسية، والشخصيات السياسية المستقلة فتعيش في عصرها الذهبي، ففي ظل هذا النظام البرلماني المرتبك أصبح هؤلاء بمنزلة المنقذ الوحيد للشعب، ولم يعد هناك نظام برلماني يتضمن توافر جمعيات أو أحزاب سياسية قادرة على تولي الشأن العام ليس بطريقة الفزع وأسلوب «جاك الذيب.. جاك ولده»، بل عبر طرح حزمة متنوعة من البرامج السياسية والتنافس على كسب الأغلبية البرلمانية من خلالها.

يتساءلون: لماذا لا تصبح الكويت أفضل البلدان في المنطقة في المجالات التنموية، والاقتصادية، وغيرها؟ والإجابة بأنه عدم تطوير النظام البرلماني الكويتي، وبقاؤه كما كان منذ 60 عاماً أضاع على الكويت فرصاً لا تُحصى.

من دون تعديل الدستور، وإقرار حزمة من القوانين التي تنظم العمل السياسي، والبرلماني، والانتخابي، ستبقى الأوضاع على ما هي عليه، ولن تنفع إبر التخدير التي لم تعد تؤثر في الجسد الكويتي.

تعليقات

اكتب تعليقك