صالح الشايجي يهنئ البشرية بمدينة دبي
زاوية الكتابكتب سبتمبر 5, 2007, 11:03 ص 587 مشاهدات 0
صالح الشايجي
شاهد من ذلك المكان، من تلك الصحراء، من تلك المدينة المتصحرة، يكاد الرمل يأكل
بيوتها الطينية المتناثرة دون ترتيب أو تنسيق.
أزقة ملتوية عشوائية بدائية متربة، بعضها لا يفضي الى شيء ولا الى مكان آخر!
الحياة المدنية في تلك المدينة كانت شحيحة أو بخيلة، تراها العين بعد البحث
والتقصي، على شكل فندق متواضع البناء هنا، أو عمارة واطئة الطبقات هناك، أو محال
تجارية لم تتخذ من ذلك الزمان لونه ولا حداثته.
تلك المدينة كان اسمها - وما زال - «دبي».
أما الشاهد فهو الموقّع أدناه، كاتب هذه السطور، وحامل هذا القلم.
أما الزمن المقصود، فكان أواخر ستينيات القرن العشرين، وقبل أربعين عاما تقريبا.
كنا، أنا وزملاء آخرون، من تلفزيون الكويت واذاعة الكويت، نتردد على «دبي» في ذلك
الزمن، بحكم طبيعة عملنا كمذيعين أو فنيين، للعمل في «تلفزيون الكويت من دبي» على
فترات متقطعة، لذلك كنا نتردد عليها كثيرا، واستمر ذلك حتى توحُّد الامارات
واستقلالها عام 1971.
«دبي» التي كانت وبما كانت وعلى ما كانت، صارت أمرا آخر، بل حدثا آخر، فبعد أن كانت
الصحراء تغزو المدينة وتكاد رمالها تأكل بيوتها الطينية، صـــــارت المدينة فيها هي
التي تغزو الصحراء، ولقد غزتها فعلا ورفعت فيها بيارق المدنيّة والمدينة والتحضر،
وغــــدت تلك الرمال الشهباء رياضــــا خضراء، تكاد ورودها وأزاهيـــرها تُسمع
مُشاهدها سيمـــفونية مموســـقة الالوان والنغمات.
اختفت الصحراء أو توارت خجلا من بدائيتها أمام تلك المدينة المطلة عليها بآلاتها
وادواتها والوانها وحداثتها وناسها، وصار البحر جارا لمن يريد مجاورته، وليس
بالضرورة لمن أحب زرقته ونوارسه والتملّح بملحه أن يسعى اليه بل ان البحر هو الذي
يحضر لمن يحبه ويجيء، فصار البحر حيث يريد الناس لا حيث يريد هو، توزّع البحر ووزّع
ماءه على الصحراء والمدينة، سريع الاستجابة لمن يملك قرار جلبه وسحبه.
«دبي» ليست مدينة عامرة بمبانيها الشاهقة وشوارعها وجسورها وأسواقها - فقط - بل هي
عامرة بثقافة جديدة تصنع انسان العصر الحديث.
هنيئا لنا كلنا بـ «دبي»، هنيئا للبشرية كلها بـ «دبي»، هنيئا لكل انسان عاش عصر
«دبي»!
الأنباء
تعليقات