يرفض زايد الزيد الترحيب بإلغاء 'أمانه' دون البحث في أسباب الإنشاء والإلغاء
زاوية الكتابكتب سبتمبر 9, 2007, 9:53 ص 624 مشاهدات 0
حكومة « خائفة من شيء ما » !!
زايد الزيد
الترحيب المبالغ فيه، تجاه قرار إالغاء شركة امانة التخزين، ليس في محله أبدا، فمن
المفترض ان ينصب الاهتمام، على البحث في سبب تراجع الحكومة: هل هو تراجع نتيجة
لقناعة بخطأ في تمرير المشروع ؟ أم أن التراجع نابع من الخوف من المساءلة ؟!
كل الدلائل تشير إالى أن الحكومة لم تتراجع عن قرار تأسيس الشركة، إلا بسبب الخوف
من تبعات قرارها فيما لو أصرت على المضي في تنفيذ المشروع ! والدليل على ذلك، أنه
بعد أول احتجاج صدر من «التكتل الشعبي»، طلبت الحكومة من وزارة التجارة أن ترد على
المعترضين، فأعدت التجارة ردا واثقا، أكدت فيه أن وضع الشركة سليم مئة بالمئة، ولا
تشوبه شائبة. أي أن الحكومة سمعت الاعتراض على المشروع مبكرا، إلا أنها آثرت التصدي
لذلك الاعتراض من خلال رد وزارة التجارة، ولما علت أصوات المعارضين للمشروع، وكشفت
أسماء المستفيدين، تراجعت الحكومة قسرا فألغت الشركة من أساسها!!
وهناك مثال آخر حدث قبل أيام، نسوقه للتدليل على أن الحكومة لا تسير على هدي من
الاصلاح ، ونعني به قرار وزيرة التربية نورية الصبيح بمنح المدارس الخاصة، التي
سحبت تراخيصها بسبب المخالفات الجسيمة(بقرار من الوزيرة ذاتها)، مهلة عام كامل!
فالوزيرة هي من أصدرت قرارا صائبا بسحب التراخيص يتفق مع اللوائح المنظمة لعمل
المدارس الخاصة، وهي أيضا - وبقدرة قادر - من ألغت قرارها الصائب لتستبدله بقرار
خاطىء يمنح المخالفين فرصة لايستحقونها ، كل ذلك حصل بسبب الخوف ! مع أن الوزيرة
الصبيح كانت ذات أداء متميز وصاحبة قرارات شجاعة ، حينما كانت وكيلة مساعدة في
التربية ، لكن يبدو أن كرسي الوزارة يختلف تماما عما سواه ، ويجعل صاحبه ينضم
طواعية إلى نادي «الخوافين» ، إلا من رحم ربي ..!!
شيء مضحك مبكي، أن تتراجع الحكومة عن قراراتها الخاطئة والصائبة للسبب ذاته : وهو
الخوف ، وللتدليل أكثر على سيطرة الخوف على الحكومة بـ«كامل» أعضائها، تعالوا نر
ماذا يفترض أن تفعل الحكومة مع المتسببين بتلك القرارت، ان المنطق والقانون يلزم
الحكومة بإعفاء وزير التجارة وكل مسئولي وزارته و موظفيها الذين أجازوا تأسيس شركة
أمانة، كما أن المنطق والقانون أيضا يفرضان على الحكومة أن تعفي وزيرة التربية من
منصبها لتراجعها عن تطبيق القانون، ولكن هل سيحدث شىء من هذا الذي نحلم به ؟!! حتما
الجواب لا كبيرة!
وما لم تقم به الحكومة من محاسبة مسئوليها ، يحمل أعضاء مجلس الأمة مسئولية القيام
بتلك المحاسبة انسجاما مع دورهم الرقابي . إن حكومة «تطنطن» بالاصلاح ليل نهار،
وتدعي أنها تحارب الفساد، دون أن يلمس الناس أي أثر لهذا الكلام ، حري بها أن تتنحى
، فما يراه الناس على أرض الواقع هو عكس ما تدعيه الحكومة تماما، فترى المفسدين
والحرامية أصبحوا نجوم المجتمع، والرشوة في الكويت بعدما كان يدفعها الكبار فقط
لتمرير المشروعات الكبيرة، أصبحت اليوم حديث الناس بمختلف طبقاتهم، وأضحت حتى
المعاملات الصغيرة لاتنجز إلا بدفع الرشاوى !!
طيب، وماذا بعد؟ والنتيجة؟؟ لقد مل الناس من هذه الفوضى التي تحيط بهم من كل جانب،
فهل يعقل أن بلدا كالكويت ذو حجم صغير، وتعداد سكان قليل، ويمتلك امكانات بشرية
كبيرة وتدفقات مالية أكبر، أن يعاني شعبه مايعاني من مشاكل تتعلق بقصور واضح، وتردي
مخجل، في الخدمات الأساسية؟؟ هل يعقل أن تنشىء الكويت كدولة محطات لتوليد الطاقة
الكهربائية في شتى أصقاع العالم ، بينما يعيش الكويتيون تحت رعب كابوس انقطاع
الكهرباء طوال أشهر الصيف اللاهب الذي لايوجد له مثيل في العالم كله؟؟ ولايحسبن أحد
أن موضوع أزمة الكهرباء ناتج عن زيادة أحمال الطاقة، إن المسألة ببساطة تتعلق بصراع
«حيتان» مقاولات الكهرباء فيما بينهم ، هؤلاء لم يتفقوا هذه المرة على مقادير
الحصص، كما كان الوضع في السابق ،فمنهم من كان صغيرا (بنظر الحيتان الكبيرة ) قبل
سنوات، واليوم أصبح مماثلا لهم في الثروة، أو يزيد، وأصبح الحوت الجديد يطالب
الحيتان القديمة بنظام الحصص المتساوية، الأمر الذي أثار حفيظة الحيتان القديمة،
فلم يتفقوا، وضيعونا وضيعوا البلد!! وأين الحكومة من كل هذا ؟؟ الجواب كالعادة،
انها خائفة، ولاتريد أن تحرك ساكنا، «خوفا» من أن يغضب عليها أحد «الحيتان»، فإرضاء
«الحيتان» واتقاء شرهم، أهم لدى الحكومة من خدمة الناس و إرضائهم !! للخبير
الأقتصادي جاسم السعدون جملة معبرة يقول فيها : «ان الكويت كمثل شركة لديها كل
الامكانات للنجاح، إلا أن سبب فشلها، هو أن من يقودها مجلس إدارة فاشل». صح لسانك
«بوعبدالله» .
* نقيب الصحافيين والمراسلين
ورئيس تحرير جريدة «الآن» الإلكترونية
النهار
تعليقات