أنور الرشيد يتساءل عن عقلانية الطرح الإسلامي

زاوية الكتاب

كتب 511 مشاهدات 0


الرأي المحلي قراءة هادئة هل هي صحوة جديدة أم رجوع إلى الواقع؟ أنور الرشيد الإثنين, 10 - سبتمبر - 2007 في المؤتمر الذي عقده مجموعة من المفكرين الإسلاميين، بلغ عددهم خمسين عالما ومفكرا ورجل قانون وسياسة في الأردن، تحت عنوان «نحو خطاب إسلامي ديموقراطي مدني» الذي نظمه مركز القدس للدراسات السياسية، خلصوا به إلى نتيجة لا تختلف عما كان يطرح من أفكار منذ سقوط الخلافة العثمانية من المثقفين العرب لتمدين المجتمعات العربية ونقلها من المجتمعات البدوية والعشائرية إلى مجتمعات متمدنة تسعى إلى الحداثة والعصرية، ومنذ ذلك ينعت الإسلاميون أصحاب هذا الطرح بالعلمانيين والملحدين والكفرة، وأصحاب الطرح التغريبي الذي يخالف عاداتنا وتقاليدنا، والذي يريدون منه محو الهوية الإسلامية، وكتبوا عنهم الكتب وأصدروا بحقهم الفتاوى التكفيرية، وقالوا عنهم ما لم يقله مالك في الخمر، لكن النتيجة التي توصل إليها هؤلاء العلماء الأفاضل الذين مثلوا 20 دولة عربية وأجنبية، بينها الكويت، لم تختلف عما كان ينادي به المثقفون منذ ذلك الوقت، وأهم ما تبنوه في ذلك المؤتمر هو ان الإسلام لم ينشئ دولة دينية، لا شرعا ولا تاريخا، مؤكدين ان الدولة الحديثة هي دولة مدنية محددة الوظائف، وهذا الرأي الذي تبناه المجتمعون يتناقض مع الشعار الذي حمله تيار الإسلام السياسي (الإسلام هو الحل، والقرآن دستورنا) وأخطر ما طرح وتبنوه هو عدم جواز تدخل الحكومات في شؤون الدين لأغراض سياسية، وعدم جواز تدخل رجال الدين في السياسة، وهذا ما كنا ننادي به منذ فترة طويلة، وهو فصل الدين عن الدولة، وهذا الكلام قلناه ونقوله ونكرره في كل مرة، لكن تهمة العلمانية والتكفير واستحلال دماء المسلمين بسبب عدم اتفاقهم مع ما كان يطرحه تيار الإسلام السياسي من رؤى وآفاق، كانت سلاحا يستخدمونه لردع كل من يختلف مع رؤيتهم، والظريف أنهم أخيرا توصلوا إلى ان موضوع دولة الخلافة والإمامة لم يعد موضوعا يتناسب مع مستجدات هذا العصر، أي ان المجتمعين توصلوا إلى قناعة بأن المطالبة بدولة الخلافة الإسلامية كما يتصورون، لم تعد إلا ان تكون أضغاث أحلام تصورها البعض، وحاول تحقيقها على مدى العقود القليلة الفائتة، وهذا يمثل نقلة نوعية في الطرح المعقول والعقلاني، وقد اقتربوا كثيرا إلى ما طرح في السابق، وأيضا من المواضيع المهمة التي تبناها المؤتمر: حق المرأة في الولاية العامة والقضاء، وقالوا إن للمرأة الحق الكامل في إدارة شؤون الدولة، وهنا اقتربوا أكثر من الطرح الغربي الأوروبي، تحديدا بما يملكه من إرث ثقافي، وعلى ذلك أزف أكبر تهنئة لمن شارك في هذا المؤتمر الحيوي والمهم الذي ابتعد كثيرا عن لغة التكفير وإخراج المسلمين الذين تختلفون معهم في الرأي والرؤية من الملة، وسؤالي الآن: هل هذا المؤتمر يمثل صحوة عقلانية لتيار الإسلام السياسي؟ أم هو أيضا تكتيك انتخابي، ومن ثم انقلاب على هذا الطرح؟ أنا اعتقد ومن خلال التجارب السابقة الكثيرة، التي مر بها المسلمون والعرب تحديدا، وقبل ان نفرح بهذه العودة المظفرة لتفعيل العقل والعقلانية، كان يجب على الإخوة المجتمعين ان يتعهدوا بالعمل السياسي، بعيدا عن الدين وان يتعهدوا أيضا بأن تكون الدساتير المقرة والمعمول بها حاليا مثل الدستور الكويتي بما فيه من مواد، هي المرجع الأساس والوحيد لكل خلاف، كما ان تعهدهم بعدم تغييره إلا بمزيد من الحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير، وصرف النظر عن ان يكون القرآن هو الدستور، كما كان يحلمون، سيكون له اثر بالغ في تقدم الدولة نحو المدنية وتطوير قدراتها الذاتية نحو الإبداع في مختلف مناحي الحياة، فهل نرى ذلك يتحقق في القريب العاجل؟ أم ترانا نسير إلى المجهول، إلى ما لا نهاية؟
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك