الدولة المدنية حل التطرف-هكذا يرى شملان العيسى
زاوية الكتابكتب سبتمبر 10, 2007, 12:11 م 511 مشاهدات 0
بين الدولتين..
المدنية والدينية
كتب:د. شملان يوسف العيسى
من اهم اشكاليات الديموقراطية الوليدة في الخليج، ان المجتمعات الخليجية غير
ديموقراطية في نهجها واسلوب حياتها، فهي ترفض المفاهيم الليبرالية التي تدعو للحرية
مما يعطي هذه المجتمعات ارضية خصبة للتطرف الديني والعنف والارهاب في بعض بلدان
الخليج او عرقلة العمل الديموقراطي بالدعوة المستمرة لتغيير الدستور والقوانين
الوضعية.
ففي الكويت مثلا، طالبت الحركة الدستورية الاسلامية «الإخوان المسلمين» في اجتماع
لها خلال الاسبوع الماضي، بتعديل المادة الثانية من الدستور الكويتي والتي تنص على
ان الاسلام مصدر رئيسي للتشريع، الى نص اخر يطالب ان يكون الاسلام المصدر الرئيسي
والوحيد للتشريع، كما طالبت الحركة بالسير في اتجاه اسلمة القوانين الكويتية.
مطالبة الحركة الدستورية بتغيير المادة الثانية اصبحت من المطالب السنوية التي
تطرحها في كل فصل تشريعي تقريبا منذ عدة سنوات، لكن رجاحة وعي الحكومة الكويتية
افشلت كل هذه المحاولات، لان تغيير الدستور قد يؤدي الى تغيير طبيعة الدولة من دولة
مدنية الى دولة دينية.
السؤال: لماذا يطالب نواب منتخبون من قبل الشعب بطريقة ديموقراطية بتغيير الدستور
والتحول الى دولة دينية قد تلغي مجلس الامة ويحل محله مجلس للشورى لا يملك اي سلطة
تشريعية؟ لماذا يصر «الاخوان المسلمين» تحديدا، على اسلمة القوانين وتغيير الدستور؟
هذه الاشكالية التي تطرح في الكويت اليوم قد طرحت سابقا في كل من الاردن ومصر.. فما
الاسباب والدوافع وراء هذه الدعوة اليوم في دولة الكويت؟
الاصوليون الاسلاميون بشكل عام و«الاخوان المسلمين» بشكل خاص، نجحوا في الانتخابات
في العديد من الدول العربية ومنها الكويت، لانهم اعطوا احساسا ان الاسلاميين لو
وصلوا للسلطة فسوف يشركون الناس في الحياة السياسية، مقابل ثقافة سياسية حولت
المواطنين الى مشاهدين ومتفرجين يتركون ادارة الامور لحكوماتهم.
في مصر والاردن نجح «الاخوان المسلمين» في استقطاب الشعب الى جانبهم بتقديم خدمات
طبية وتعليمية واجتماعية للمواطنين الفقراء في الاحياء الفقيرة، كما اقاموا ورش عمل
لتشغيل المواطنين وابعادهم عن البطالة.
وفي الكيت نجح «الاخوان المسلمين» لفشل التيارات القومية والليبرالية في استقطاب
الجماهير، كما ان الدعم الحكومي للحركات الاسلامية في وقت سابق، لمحاربة التيار
القومي، ساعد على انتشار الاسلام السياسي في الكويت، وبسبب الدعم الحكومي استطاع
«الاخوان المسلمين» ان يشاركوا في الحكومة بأكثر من حقيبة وزارية في السنوات
العشرين الماضية، ولايزالون، هذه المشاركة مهدت لهم اقامة قاعدة شعبية والحصول على
دعم مالي قوي من خلال البنوك والمؤسسات الاسلامية، بما في ذلك اكثر من 100 جمعية
خيرية اسلامية غير مرخصة تجمع الاموال من الناس من دون رقابة حكومية قوي.. نواب
«الاخوان المسلمين» ووزراؤهم استطاعوا تثبيت كوادر الاخوان على معظم وزارات ومؤسسات
الدولة.
اليوم تجد الحكومة الكويتية نفسها امام اشكالية جديدة، فالحكومة الجديدة التي تم
تشكيلها قبل عدة اشهر تتعرض للانهيار بسبب المواقف المتشددة من نواب مجلس الامة،
خصوصا من التيار الاسلامي.
الحكومة الكويتية حتما ستجد نفسها في خلاف مع حلفائها من التيار الديني، فهي من جهة
ترفض مطالب الاسلاميين بتغيير المادة الثانية من الدستور، لكنها من جهة اخرى مضطرة
للتعاون معهم لضمان تصويتهم معها في البرلمان.
ان الحد من الاصولية الاسلامية في الخليج، لا يكون بالتعاون والتحالف مع رموزها،
ولا ملاحقتهم ومصادرة حقوقهم، ان القضاء على الاصولية والتطرف يأتي عن طريق التمسك
بالدولة المدنية والسير بقوة باتجاه الحداثة والتنمية والتغيير الاقتصادي، كما ان
تعزيز الحريات المدنية وتعزيز دولة القانون والعدالة والمساواة، شروط اساسية للدولة
المدنية الناجحة.
الوطن
تعليقات