كل فرصة للوصول الى الحكم كانت دائما «للاسلام المعدل»، ولم يكن للاسلام «غير المعدل» أي فرصة.. حمد السنان ينكر على دعاة التطور دعواهم لتطوير العقيدة

زاوية الكتاب

كتب 1431 مشاهدات 0




 
إسلام غير معدل

كتب حمد السنان

-لم يقف دعاة التجديد عند حد في دعوى التطور
منذ أواخر القرن التاسع عشر وصيحات المسلمين بالنهوض بالأمة تتعالى، وقد تبنى هذه الصيحات أُطروحات مختلفة كان من أعلاها صوتا وأردها صدى حركات التجديد على اختلاف مناهجها، اعمالا للاسلام أو اقصاء له، أو جمعا بين طرفي الاعمال والاقصاء، وكما ذكرت بمقالي السابق فقد تبنى هذا التجديد أعلام واعلام وحكومات، اقتصر اعمال الاسلام فيها على العبادات والأحوال الشخصية دون سائر أحكامه، والتي كان كل مطالب بها رجعيا يمنع العروبة من التقدمية واللحاق بركب التطور، كما كان كل وصول الى سدة الحكم «للرجعيين»، وان كان عن طريق الديموقراطية «المشروعة»، يصبح غير مشروع، ويُمنع من وصل الى ما وصل، مما دأبت على فعله الحكومات الليبرالية العربية، مخالفة لأصول الليبرالية والديموقراطية، فكانت كل فرصة للوصول الى الحكم دائما «للاسلام المعدل»، ولم يكن للاسلام «غير المعدل» أي فرصة.
وكان الاسلام المعدل الذي رشح للحاق بالغرب قد اتسم بالتحرر من كل ما يمنعه عن التطور والتقدم المنشود، فقد نزعت المرأة المسلمة حجابها، واختلطت مع الرجل في العمل، وشاركت الفتاة الاشتراكية الفتى الاشتراكي بالمعسكرات الاشتراكية، وتبنت الحكومات نظام أوروبا الاقتصادي التقدمي بدلا من الشرعي، وعطل حكم الشرع بالوضع، واستبدل لفظ الاسلام بالعروبة، وحاربنا بها اسرائيل ثلاث مرات فزنا بجميعها بالفشل، وانقسمت حكوماتنا تبعا لكل معسكر، يوم كان العالم معسكرين، فما وجدناها لحقت بأي تقدم لأحد المعسكرين، وكان كل فشل في ذلك يعزى الى الفشل في الوصول الى المزيد من التحرر.
ولم يقف دعاة التجديد عند حدٍ في دعوى التطور، بل دعوا الى تطوير العقيدة، فدعاهم ذلك الى التخبط في انكار المعجزات مرة، وفي اثباتها أو تأويلها بما ينافي اعجازها مرة أخرى، ومثله في الايمان بالغيب، مما لا يجد فيه الباحث منهجا ثابتا لهؤلاء، لكنه أثار البلبلة والفرقة بين المسلمين الى اليوم.وسأذكر أمثلة وأحيل القارئ لمصدرها حيث لا يتسع المقال لها..
-1 انكار محمد عبده للملائكة في قصة آدم (المنار ج 1 ص 284-281).
-2 تأويله احياء الموتى في سورة البقرة واخراجه عن حد الاعجاز (المنار ج1 ص351، 322).
-3 تأويله خلق عيسى ومعجزاته بما يخرجه عن حد الاعجاز (المنار ج3 ص 310).
-4 انكار الشيخ المراغي انشقاق القمر (تفسير المراغي ج 27 ص 77، 49).
-5 تأويل محمد فريد وجدي للطير الأبابيل بالجراثيم والميكروبات...وغير ذلك مما تأثر به المجددون نتيجة حمى اللحاق بالغرب.
تقول جاكلين كيندي عشية مقتل زوجها: لم يكن الانجيل يفارق جيب زوجي جون في سفره، وذكر عن بن جوريون رئيس وزراء اسرائيل الأسبق أنه سار ماشيا ورفض ركوب السيارة في جنازة شارل ديغول يوم وافق ذلك يوم السبت الذي يحرم فيه عند اليهود الركوب، ولم يزل الى ان مات غاندي مؤسس الهند الحديثة النووية، يجر الهه وراءه الذي حل في معزته..كل هؤلاء لم تمنع عقائدهم التي لا تتفق مع العلم والعقل من تسنم دولهم ذروة العلم والتقدم.ولا أعلم لماذا لم ينظر دعاة التجديد الى هذه العقائد واصطدامها مع العلم، في حين أنهم رأوا عقائد الاسلام مصطدمةً معه، فأوجبوا تعديلها ليوافق ركب التطور، ولا أعلم ما علاقة تطور الاعتقاد مع تطور العلم، والمُشاهد الذي ذكرت ينفيها !! يحدثني أحد الأخوة يقول: تجاذبت أطراف الحديث مع سائق تاكسي في اسطنبول، فسألته عن الأوضاع السياسية والانتخابات، فقال: أنا علماني، لكنني أصوت للاسلاميين، قلت: لماذا؟! فقال لقد ارتفع دخلي خلال سنتين الى الضعف منذ وصل الاسلاميون الى الحكومة فاستطعت شراء هذا التاكسي، فكيف لا أفعل!.
ومن صاحب التاكسي «باسطنبول الرجعية»، وريثة اسطنبول التقدمية، الى كل من يقول: الاسلام لا يستطيع النهوض بنا.


حمد السنان

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك