يوسف المباركي يستذكر المواقف الصلبة لمحمد الرشيد من اجل الإصلاح والوطن

زاوية الكتاب

كتب 1163 مشاهدات 0


يهمّـنا الجوهر لا المظهر.. يا «بو أحمد»! 

كتب يوسف مبارك المباركي : 

 
فقدت الكويت بالامس رجلا من رجالات المعارضة الوطنية الذين ناضلوا من اجل الحرية والديموقراطية، وهو المرحوم -بإذن الله- العم محمد احمد الرشيد.
ولد -المرحوم- في عام 1920 بمنطقة جبلة، وأخوه مؤرخ الكويت الاول والداعية عبدالعزيز الرشيد، فكان -المرحوم- رجلا عصاميا الى ان شارك في انتخابات الفصل التشريعي الاول عام 1963 وحصل على المركز الخامس، وعلى الرغم من بداية العمل بالدستور، لكنه مارَس اول اداة كفلها له الدستور، حيث بدأ بالسؤال وحول سؤاله الى مادة استجواب لوزير الشؤون الاجتماعية المرحوم عبدالله مشاري الروضان بخصوص توزيع 30 قسيمة بالعديلية وتمت المناقشة، واكتفى برد الوزير ولم يسع الى طرح الثقة، فالهدف كان الاصلاح وليس رأس الوزير، هذا في بداية العمل البرلماني، كما شارك في المجالس المتعاقبة، وهي 1967، المزور لم يحالفه الحظ وعاد عضوا لمجالس 1971 و1975 و1981، حيث اعتزل العمل السياسي عام 1985. والجدير بالذكر ان -المرحوم- لم يضع خيمة انتخابات، وانما اكتفى بديوانية في ضاحية عبدالله السالم، وكذلك زياراته للدواوين، فيخبرني خلال زيارته للنوخذة عبدالوهاب عبدالعزيز العثمان -رحمه الله- بقوله له: «يهمنا الجوهر لا المظهر، فنحن معاك يا ابو احمد»، وذلك نتيجة لمواقفه الصلبة من اجل الاصلاح والوطن ونزاهته التي يتمتع بها.
وبعد الانقلاب على نظام الحكم الدستوري الاول عام 1976، حيث تم حل نادي الاستقلال كان هو من بادر بمجلس 1981 بتوجيه سؤال برلماني للوزير المعني، وجاءه الرد فكان رد الحكومة بتقديم مبررات الحل، وهو صدور بيان من نادي الاستقلال في 1976/9/18 تضمن مسائل سياسية، مخالفا بذلك النظام الاساسي للاندية.
وقرار الاعتزال لم يمنع الرشيد من متابعة العمل السياسي والمشاركة في الندوات وخلال فترة الانقلاب على نظام الحكم الدستوري عام 1986 وايام «دواوين الاثنين»، حيث كانت له مداخلة بالتجمع الشعبي الاول بديوانية جاسم القطامي بالشامية يوم 1989/12/4 وهي كلمة قصيرة لكن كبيرة في معانيها، وايضا تعرض للاعتداء من قبل قوات الامن في التجمع الشعبي الخامس بالجهراء عند احمد الشريعان في يوم 1990/1/8.
كما انني تعرفت على هذا الرمز العطاء عام 1986 وكنت ازوره كل يوم احد في ديوانيته بضاحية عبدالله السالم، وأرى واسمع نقاشه مع رواد ديوانيته، ومن ابرزهم د. احمد الخطيب واحمد السعدون وجاسم القطامي وناصر الساير وعبدالله النيباري و-المرحوم- سامي المنيس و-المرحوم- يوسف ابراهيم الغانم و-المرحوم- جاسم الصقر وآخرون، لكن اذا حضر -المرحوم- خالد راشد بورسلي فالاخير مهتم بالشعر والادب، حيث كانا يستعيدان شريط الذكريات القديمة التي تجمعهما، خصوصا فترة الغوص على اللؤلؤ وكيفية قضاء الليل في المسامرة والمرح على ظهر البوم، وذات يوم غفت عين الرشيد فوكزه بيده ليوقظه «قم انت ابن الرشيد وليس هارون الرشيد وانا لست ابونواس اسمعك الاشعار» رحمهما الله جميعا، فهؤلاء رجال بنوا كويت الماضي والحاضر ليسلموها الى هذا الجيل، وعندما أتذكر تلك الايام وهؤلاء الرجال الذين تتجلى فيهم كلمة الرب عز وجل «من المؤمنين رجال صدقوا الله ما عاهدوا عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا».
يصعب على مثلي كتابة سيرة العم محمد احمد الرشيد، فأبخسه حقه والاسهاب يفقد الملكة الصحفية بريقها.
ولا نقول الا ما يرضي الرب «انا لله وانا اليه راجعون»، وان يلهم عائلته الكريمة وأحباءه الصبر والسلوان، وانا على فراقك يا «ابا احمد» لمحزونون.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك