ما أشبه الليلة بالبارحة.. أحمد الديين يرى تشابها كبيرا بين ما جري لمحمد البراك فى سنة المجلس عام 1938 وبين ما يجري لمحمد الجاسم اليوم

زاوية الكتاب

كتب 3198 مشاهدات 0


 

بين المحمدين البراك والجاسم! 
 
كتب احمد الديين

يروي المرحوم الأستاذ خالد العدساني في مذكراته غير المنشورة من بين ما  يرويه عن الظروف والعوامل، التي قادت في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين إلى المطالبة بإقامة حكم دستوري نيابي فيما اُصطُلِح عليه باسم«سنة المجلس»، أنّه بعد إضراب سائقي سيارات الأجرة جرى اعتقال الشاب محمد البراك، الشهير لاحقا باسم «الزعيم»، الذي لم تكن له من بين سائقي سيارات الأجرة المضربين، بعد اتهامه بالتحريض على الإضراب، حيث تعرّض إلى التعزير والتعذيب والضرب المبرح... فكتب «أخذوا يطوفون به في الأسواق والحراس من خلفه يقودونه إلى السجن ويضربونه بأعقاب البنادق، وأخيرا غُلّت رجلاه بالحديد وقُذِف به في حجرة دامسة لا ينفذ إليها النور»... ويضيف المرحوم خالد العدساني في مذكراته«وقد عمدت السلطات إلى هذا الإرهاب الشديد لتخويف العناصر الناقمة بتحريض من الدساسين والمستغلين، ثم أصدرت أمرها - تحديا-  بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء للمجلس البلدي للدورة الجديدة محرّمة على الناخبين انتخاب كل الذين استقالوا من مجلس البلدية إثر حلّ السلطة لمجلس المعارف الأول»... ويشير العدساني في مذكراته إلى لقاء جرى حينها بين القنصل البريطاني والملا صالح سكرتير الحاكم حيث «التقى ذات يوم القنصل ديكوري بالملا صالح وقال له: إنّ عملكم في الشاب محمد البراك جد شنيع ووحشية كاملة، فردّ عليه الملا قائلا: البراك يا سعادة القنصل كان دائما ضد الانكليز وسبّهم من أجل فلسطين ونحن أدّبناه من أجل ذلك، ولكن القنصل ردّ ساخرا على الملا صالح: كلا ليس من أجل ذلك ضربتموه، إني لأعرف لماذا ضربتموه»!
ويستنتج العدساني في مذكراته أنّ تلك العوامل والأحكام الكيفية التعسفية أدّت إلى «توحيد صفوف الناقمين مع اختلاف أغراضهم وتباين أفكارهم ومبادئهم»... ويضيف «فاجتمعنا أول ما اجتمعنا في منزل عبداللطيف الثنيان وهناك أقسمنا اليمين على الإخلاص لمبادئ الجمعية التي سميناها (الكتلة الوطنية) وصيانة أسرارها، واقتصرت مبادئ الكتلة على نقطتين هامتين فقط: أولا: المطالبة بقيام مجلس تشريعي على أساس انتخابات حرة شريفة...ثانيا: يناط بهذا المجلس كافة الصلاحيات للإشراف على تنظيم شئون الإمارة».
ويواصل المرحوم الأستاذ خالد العدساني رواية مذكراته عن «سنة المجلس» في العام 1938 فيروي أنّه «بعد مدة طويلة التقيت بعبداللّه بودي فذكر لي أنّه جاء إلى السوق الآن ليتحدث إلى محمد الثنيان أو عبدالله الصقر غير أنه لم يجد أحدا منهما، ثم أطلعني على كتاب رسمي وارد من المقيم البريطاني في الخليج إلى القنصل في الكويت يطلب منه فيه تبليغ سمو حاكم الكويت باسم حكومة الجلالة البريطانية مذكرة شفهية بما معناه... أولا: لقد بَلَغَ الحكومة البريطانية أمر التعزير الوحشي الذي عُزِّر به محمد البراك من قبل السلطات، ولذلك فهي ترجو من سمو الشيخ عدم تكرار مثل هذا العمل... ثانيا: إنّ الحكومة الانكليزية مقتنعة من استياء الأهالي من فوضى الأحكام في الكويت قبل وبعد حادثة البراك، كما أنها من جهة أخرى لا تستبعد أن تتسرب موجات الديمقراطية إلى أذهان الكويتيين، لذلك فإنها تشير على سموه أن يعمل لإشراك رعاياه ومشاورتهم في إدارة حكم البلاد»!
 ومع الفارق بين ما حدث في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين للمرحوم محمد البراك وما يحدث اليوم بعد أكثر من سبعين سنة لسجين الرأي الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم، الذي كُبَّل مقيّدا وهو راقد على سريره في «المستشفى العسكري» ونُقِلَ برفقة عدد من المسلحين المقنّعين في ثلاث سيارات للقوات الخاصة إلى «السجن المركزي»... أقول مع الفارق بين ما حدث للمحمدين البراك والجاسم، إلا أنّ التاريخ عظة ودرس.
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك