سعد العجمي يعلن توقفه عن الكتابة ويصف المجلس الحالى بالشؤم بعد تحول المدافعين فيه عن الدستور والمال العام إلى «مؤزمين» والمتخاذلين إلى «عقلاء »
زاوية الكتابكتب مايو 21, 2010, 12:25 ص 2636 مشاهدات 0
عودوا... إلى الأمة!!
سعد العجمي
في ظل حالتي الانحطاط والتردي السياسي اللتين يعيشهما مجلس الأمة من جراء ممارسة أغلب نوابه، لم يعد للعمل البرلماني ذلك البريق والطعم والنكهة، بعد أن تحول إلى مؤسسة تابعة لمجلس الوزراء، وبعد أن أصبح مسرحاً للردح السياسي وتبادل الاتهامات وحملات التخوين المتبادلة.
قلتها مرات سابقة وسأكررها اليوم، هذا المجلس هو الأسوأ في تاريخ الحياة النيابية الكويتية، بل إنه الأخطر على الديمقراطية في بلادنا، وقد يكون النافذة التي يتم التسلل من خلالها لوأد الديمقراطية والانقضاض على الدستور من خلال دعوات وتحركات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
في هذا المجلس عندما ينتقد نائب ما أحد الوزراء، فإن الوزير لا يكلف نفسه عناء الرد، فهناك نواب جاهزون لهذه المهمة، وفي هذا المجلس إذا قرر عضوٌ استخدام حقه الدستوري عبر تقديم استجواب، فإن الحكومة غير ملزمة بالتحرك لأن «لوبيا نيابياً» امتهن القيام بهذا الدور نيابة عن السلطة التنفيذية، وكأن الشعب انتخبهم للدفاع عن الحكومة لا عن مصالحه وقضاياه، فأصبح عدد الوزراء أربعين وزيراً وليس ستة عشر.
في هذا المجلس «الشؤم» تحول النواب المدافعون عن الدستور والمال العام ومصالح الشعب إلى «مؤزمين»، فيما أصبح المتخاذلون عن القيام بمسؤولياتهم السياسية والبررة بقسمهم الدستوري يصنفون على أنهم «عقلاء المجلس»، وكأن ما سواهم مجانين.
لم يحدث تشرذم وانقسام وخلاف بين نواب مجالس الأمة المتعاقبة مثلما حدث في هذا الفصل التشريعي، وإذا ما أكمل هذا المجلس مدته الدستورية فإن الانقسامات وحالة التردي ستتعمق وتتكرس بشكل خطير، وستنتقل تبعاتها وهزاتها الارتداية إلى خارج محيط المجلس، وهو ما بدأ يتحقق بالفعل، حيث انعكست الممارسات النيابية الشاذة على تعامل كل التيارات السياسية والمكونات الاجتماعية مع بعضها بعضا لجهة مزيد من الخصومة وعدم القبول بالآخر.
لست هنا بصدد تحميل مسؤولية ما يجري لأحد بعينه، لكن ما يحدث غاية في الخطورة، والقادم أسوأ بكثير، فقد تحول هذا المجلس بتركيبته الحالية إلى معول هدم لا بناء، تاهت فيه المصلحة الوطنية في دهاليز المصالح الخاصة للأعضاء والكتل والمجاميع النيابية، وأصبحت أجندة الوطن مطية تستغل لتحقيق أجندات شخصية.
اليوم وأمام تشدق وتغني كل طرف بالوطنية والزهد بالمقعد النيابي، وكون الوطنية ليست شعاراً يرفع بل ممارسة تتم على أرض الواقع، فإنني أدعو النواب إلى تقديم استقالة جماعية، وليست فردية والعودة للاحتكام للأمة والشارع لنعرف حينها رأي الشعب في النواب، ولنكتشف من على حق، ومن على باطل، ومن يمثل الأمة، ومن يمثل نفسه.
إن كنتم رجالا وطنيين فعلا، فأقدموا كما أقدمت تلك الثلة من رجال الوطن يوم أن قدموا استقالاتهم احتجاجا على تزوير انتخابات 67، وأثبتوا بالفعل لا بالقول أنكم تعبرون عن الأمة وأنكم وصلتم بإرادتها، نعم قدموا استقالاتكم وعودوا إلى الأمة لتقول كلمتها فيكم... فمن يجرؤ أيها النواب الأعزاء؟
***
التزاما بهذه الدعوة لنواب الأمة فإنني سأبدأ بنفسي وأعلن توقفي عن الكتابة في الشأن السياسي المحلي لحين إجراء انتخابات مبكرة أو انتهاء عمر هذا المجلس بعد ثلاث سنوات ستكون بمنزلة ثلاثة عقود، فلم يعد للكلمة تأثير ولم يبق للقلم دور في ظل وجود هذا المجلس «الكارثي».
***
«الحرية لسجين الراي محمد عبدالقادر الجاسم».
وناشد المتصفح عادل العميري الكاتب سعد العجمي العدول عن موقفه واصفا اياه بفارس الكلمة.. وفيما يلي نص المقال:
صعـقـتـنا يا سعد
قال تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) وقال جل شأنه ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ).
لطالما أحببت أن أبدأ صباحي بقراءة مقالات الشرفاء المفكرين من الكتاب أمثال سعد العجمي وغيره ممن التهبت حناجرهم وبحت أصواتهم وتصلبت أصابعهم نصرة للكويت. فإن تحليلاتهم ورؤاهم التي تضئ لك الأنفاق المظلمة التي يمر بها الشعب الكويتي لهي أغلى من الوقت. أما كتَاب العَته والإسفاف والتمرغ على أبواب التجار فليس لدي فيهم وقت بل يكفيني عنهم مشاهدة فلم وثائقي يتحدث عن أساليب التسلق لأغصان الشجر والتنقل بين الأشجار.
فجعت كما فجع غيري قبل نصف ساعة بقرار فارس الكلمة الأخ سعد العجمي الذي لم أقابله أو أحدثه في حياتي عن توقفه عن الكتابة وصعقت لأنه لم يبق إلا القليل من فرسان المقدمة الذين يشقون الجيوش ولن نقبل أن نخسر أي فارس من فرساننا. فإذا اعتزل هذا وتوقف ذاك من سيتابع المسيرة خصوصا في هذا الوقت. لم أشعر حين قراءة الخبر إلا بأصابعي تتسارع على لوحة المفاتيح مستجديةً فارسنا ومستنهضةً همته ناسجة هذه الكلمات.
لايغرنك يا أخي سعد ما نمر به من انهيار تام حتى أصبحنا نستظل بما يسمى بـ ' الحضيض'. فهذه مرحلة مظلمة ظالمة وستنتهي بإذن الله على يد المخلصين من أبناء هذا الوطن فاحمل سيفك وعد إلى فرسك وذد عن وطنك.
لم تصل الدول الأوربية إلى هذا المستوى من الرقي والازدهار إلا على جثث الملايين. ولم تتصدر اليابان عالم التقنية إلا بعد دمار شامل. بل ولك في خير الأمثلة نبينا صلى الله عليه وسلم فلقد أوذي حتى خاطب ربه قائلا ( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس, يا أرحم الراحمين إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي, أعوذ بنور وجهك الذي اشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو أن ينزل بي سخطك, لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك)
لقد حملك الله أمانة وهي ملكة البيان والحديث ولم يهبها لكثير غيرك. ونحن نأمل من الله أن يجعلكم أنت وأمثالك من أسباب الانتصار للكويت ضد مغتصبيها. فلا ليل بلا فجر.
أما الهجوم الشاسع الغوغائي الذي ينال من الشرفاء ويمتدح اللصوص فنصيحتي لجميع الكتَاب تركه وشأنه وهذا الهجوم خصوصا من بعض الكتاب الذي لا ينفك يهاجم المخلصين من النواب فدعوه وشأنه فردودكم عليه لن تثنيه عن محاولة استدراجكم لوحله فإن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث وسيلهث حتى يتوقف تدفق الأموال في جيبه.
فنرجوك يا سعد إعدل عن قرارك قبل أن يتبادل رويبضة الكويت التهاني والتبريكات بالمسجات.
لقد وضعت صورتك وكتبت عليها
يا من يعز علينا أن نفارقهم ** وجدنا كل شيء بعدكم عدم
فإرجوك شجعني على مسح هذا البيت من الصورة واستبدالها ببيت عنتر
سكتُ فغرَ أعدائي السكوتُ ** وظنوني لأهلي قد نسيتُ
عادل العميري
تعليقات