صلاح الفضلي يكتب عن المضحك المبكي بتصريح بدر الشريعان: كمن يستنجد بالمواطنين «تكفون قللوا من استهلاك الكهرباء ولا تفشلوني، لأني وزير جديد»،
زاوية الكتابكتب مايو 25, 2010, 11:20 م 2000 مشاهدات 0
اللي طلع الحمار على المئذنة بينزلوا
د. صلاح الفضلي
يحكى في قصص الأمثال اللبنانية أن أبناء المدينة استيقظوا في صباح أحد الأيام فوجدوا حماراً في أعلى مئذنة مسجدهم، فحاولوا إنزاله، ولكن تعذر عليهم الأمر، فقال أحدهم ماذا لو ذبحنا الحمار وأنزلناه مذبوحا، فقال الآخرون ولكن دمه ينجس المئذنة، بل يجب أن نجد وسيلة ما لإنزاله بالتي هي أحسن. قدم والي المدينة وكبار القوم ووقفوا حائرين كيف صعد الحمار إلى المئذنة، وإذا برجل من حكماء المدينة يتقدم ويقول لا يقدر أن ينزل الحمار من المئذنة غير الذي أصعده عليها، وطلب من المنادي أن ينادي بأن الوالي خصص مكافأة كبيرة للذي يستطيع أن ينزل الحمار من المئذنة، وإذا برجل يتقدم ومعه سطل ماء صعد به ووضعه أمام الحمار الذي كان على أشد ما يكون من العطش، ولما همّ الحمار ليشرب الماء هبط الرجل أمامه بسطله درجة فتبعه الحمار وصار كلما هبط الرجل درجة بسطله لحقه الحمار حتى خرج من المئذنة فأمسك القوم بتلابيب الرجل، وقالوا له هذا أنت إذا أيها المجرم، أنزلت الحمار بالطريقة التي أصعدته بها فقيل «اللي طيلع الحمار عالميذنة بينيزلوا»، فأصبح هذا القول مثلاً.
تذكرت هذا المثل وأنا أقرأ تصريحاً لوزير الكهرباء والماء د. بدر الشريعان «يبشر» المواطنين بالقطع المبرمج لأن معدلات استهلاك الكهرباء لامست الخط الأحمر لقدرة محطات توليد الكهرباء، هذا ونحن لا نزال في الأيام الأولى من الصيف. إذا كان الوزير «يبشرنا» بالقطع المبرمج من الآن، فبماذا «سيبشرنا» في الأشهر الثلاثة القادمة عندما يكون الجو في الكويت أقرب إلى «نار الله الموقدة». وزارة الكهرباء ومن خلال القيام بقطع الكهرباء عن مناطق عديدة لعدة ساعات كأنها تهيئ الناس نفسياً لما سيحل بهم في عز الصيف من انقطاع متكرر، وتواسيهم بأن «المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين». حجة الوزارة في قطع الكهرباء لساعات في الأيام الماضية أنها لغرض الصيانة، وكأنهم كانوا نائمين وفجأة صحوا ليكتشفوا أن الصيف أصبح على الأبواب، وتذكروا أنه لابد من عمل صيانة للمحطات، وعلينا كمواطنين أن نرفع 'العقل' تحية على التخطيط والاستعداد المسبق لمواجهة أزمة الصيف.
المضحك المبكي في تصريح الوزير أنه كمن يستنجد بالمواطنين «تكفون قللوا من استهلاك الكهرباء ولا تفشلوني، لأني وزير جديد»، وكأن على المواطن المسكين أن يتحمل أخطاء الحكومة، ويجب أن يجمع عائلته بكاملها بمن فيهم الخدم في غرفة واحدة ويغلق أجهزة التكييف في بقية الغرف حتى يوفر بضعة «واطات» تحفظ ماء وجه الوزير، وحتى لا نفتضح بين بقية الدول. إذا استمرت حال حكومتنا في التعامل مع أزمة الكهرباء بهذه الطريقة فسنصبح مثل العراق الذي تعمل فيه الكهرباء لأربع ساعات فقط وتنقطع بقية اليوم، أو على الأقل سوف نصبح مثل لبنان حيث يوجد في كل بيت أو عمارة مولد كهرباء يشتغل بصورة أوتوماتيكية بمجرد انقطاع الكهرباء. هل يمكن أن نثق بحكومة غير قادرة على توفير كهرباء لمواطنيها رغم ما تملك من فائض مالي ضخم أن نثق بها أن تقود عملية تنمية للبلد؟!
باختصار نقول لمعالي وزير الكهرباء والماء لا تحمل المواطنين أخطاء وزارتك وحكومتك، وكما يقول المثل «اللي طلع الحمار على الميذنة بينزلوا».
تعليقات